الشتات الجهادي: أين تختفي بقايا داعش متى عجز عناصره عن الفرار
لن يمثل تقدم المعارك في العراق وسوريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية نهايته. في خضم الحرب الدائرة سيهرب بعض عناصر هذا التنظيم وسيجد بعض الأجانب من مقاتليه طريقهم إلى أوطانهم ويسافر بعضهم إلى مناطق نزاع جديدة، فيما سيتغلغل آخرون بين المدنين ليشكلوا ما يطلق عليه الخبراء مصطلح “الشتات الجهادي”. وستكون مرحلة ما بعد داعش مختلفة عمّا شهده العالم في مرحلة ما بعد القاعدة في العراق وحتى بعد انتهاء حرب أفغانستان.
مع انتهاء تقدّم المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا أو العراق تطرح أسئلة حول مصير المئات من المقاتلين الذين يتبخّرون من مناطق شكّلت معاقل لهم لسنوات. ويقول محللون وشهود إن أعدادا كبيرة منهم تتخفى بين المدنيين عندما لا تنجح في الفرار إلى مناطق أخرى تحت سيطرة التنظيم. ويذكّر آخرون بأن عناصر التنظيم قد يكونون بذرة تؤدي إلى ظهور تنظيم آخر، مثلما ظهر داعش من بقايا تنظيم القاعدة في العراق، فيما قد يتحول الذين ينجحون في الفرار، خصوصا من حاملي الجنسيات الأجنبية، إلى خطر مرتقب في المجتمعات الغربية.
وتورد القوات الحكومية العراقية والسورية التي تقاتل التنظيم باستمرار أخبارا عن مقتل المئات من المقاتلين أو اعتقالهم، وكذلك بالنسبة إلى قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، الطرف الذي شنّ العدد الأكبر من المعارك ضد الجهاديين في سوريا. كما تتحدث تقارير روسية وأميركية عن مقتلهم في الغارات الجوية.
إلا أن الناجين منهم وفي حال عجزهم عن الانتقال إلى مناطق أخرى تحت سيطرتهم يتعمدون إخفاء هوياتهم والاندماج بين المدنيين، وتحديدا في صفوف الفارين من المعارك. ويقول أيمن جواد التميمي، الباحث في منتدى الشرق الأوسط، إن العناصر الذين يفرون “قد يبقون في الخلف (…) إذا تمت محاصرتهم أو أجبروا على الخروج ويذوبون في صفوف المدنيين على نطاق واسع”، وإن كان تقدير نسبتهم بدقة أمرا “صعبا”.
وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن فإن غالبية من يتسللون بين المدنيين في سوريا هم “من المقاتلين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى مناطق ينحدرون منها”، أو “يقصدون مخيّمات اللاجئين بعد حلق ذقونهم وتغيير لباسهم وإخفاء هوياتهم الحقيقية”.
وفي الرقة بشمال سوريا يشير مصطفى بالي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، إلى أنه “غالبا ما يتم اكتشاف من يتخفى بين المدنيين ويخرج كنازح من مناطق الحرب لدى وصوله إلى المخيمات من خلال قواعد بياناتنا”. ويحدث الأمر ذاته في العراق.
وفي محاولة لكشف المتخفين بين المدنيين تعمد القوات الحكومية والكردية العراقية غالبا إلى نقل النازحين الذكور من مناطق المعارك إلى مراكز أمنية حيث يتم التدقيق في هوياتهم استنادا إلى قاعدة بيانات وبالتعاون مع مخبرين محليين. وبحسب مسؤول محلي في محافظة نينوى التي تعد الموصل كبرى مدنها “تخفّى عدد كبير من عناصر داعش بين الأهالي في إحياء الموصل، خصوصا في المدينة القديمة” حيث كانوا يقاتلون.