بدع عاشوراء
من بدع عاشوراء:
ارتبط الاحتفال بعاشوراء ببدع لا حصر لها منذ عهود قديمة، وهكذا نجد النواصب قديما وهم «المتدينون ببغضة علي رضي الله عنه لأنهم نصبوا له أي عادوه» (7) يتخذون يوم عاشوراء عيدا لهم يصنعون فيه ألذ الأطعمة، ويتطيبون فيه، ويلبسون فيه أحسن الثياب، ويبدون فيه الفرحة والسرور عنادا للرافضة (وهم الشيعة) الذين كانوا يفعلون عكس ما يفعله الناصبة إذ كانوا يتخذون يوم عاشوراء مأتما يكون عندهم فيه الندب والنياحة وإنشاد قصائد الحزن كمدا على الحسين بن علي الذي قتل بموضع بالكوفة يقال له كربلاء..
وإن اتخاذ أيام المصائب مأثما وإظهار الحزن والأسى لأجل ذلك من البدع المحدثة التي ليس لها في شرعنا أصل. ولو كانت جائزة مقبولة، لكان إظهار الحزن في ذكرى وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أولى لما كان لفقده من وقع وخسارة، ولكن شيئا من ذلك لم يشرع، وما شرع عند ذكر المصائب سوى الاسترجاع والاحتساب. قال ابن تيمية رحمه الله: «واتخاذ أمثال أيام المصائب مأتما فليس هذا من دين المسلمين، بل هو إلى دين الجاهلية أقرب.» (8)
أما ما ورد في فضل الكثير من الأعمال، من دون الصيام، في عاشوراء فأصله أحاديث باطلة أو موضوعة لا أساس لها ولا أصل، نذكر من ذلك:
1 الاكتحال وأصله الحديث الموضوع: “إن من اكتحل يومه لم يرمد ذلك العام”..
2 الغسل: وأصله الحديث: «إن من اغتسل لم يمرض ذلك العام» وهو حديث موضوع.
3 الاختضاب: وكل ما ورد فيه باطل لا يصح كما قال ابن رجب (9).
4 التوسيع على الأهل في الطعام وغيره وهو أمر لا أصل له. يقول ابن تيمية رحمه الله «وقد روي في التوسيع فيه على العيال آثار معروفة: أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال: «بلغنا أنه من وسع عل ىأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته» رواه ابن عيينة، وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله، والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة والروافض، فإن هؤلاء أعدوا يوم عاشوراء مأتما، فوضع أولائك فيه آثارا تقتضي التوسع فيه، واتخاذه عيدا، وكلاهما باطل»(10).
5 صلاة عاشوراء: وفيها حديث موضوع رواته مجاهيل كما ذكره الجلال السيوطي في اللآلئ المصنوعة(11).
6 دعاء عاشوراء: وقد ذكروه في مجموع الأوراد وهو بدعة منكرة، وقولهم في دعاء عاشوراء إن من قرأه لم يمت تلك السنة كذب في الدين وجرأة على الله (12).
7 بخور عاشوراء: ويعتقد أنه رقية نافعة لدفع الحسد والنكد والسحر وكل أذى، وهو اعتقاد شركي مذموم لا أصل له (13).
4) المغاربة وعاشوراء:
للمغاربة في بلدنا عوائد خاصة في مناسبة عاشوراء، ففي الوقت الذي يغفل الكثير عن سنة الصيام وهي أصح ما ينبغي فعله في هذه المناسبة، ترى الكثير يجتهد في أمور ثانوية صارت من العوائد المستحكمة، حيث يخصون هذه المناسبة بطعام خاص وبإطلاق البخور، وزيارة القبور، والتوسعة على الأهل والصبيان، كما تتزين فيه النساء وتكتحل..
وإذا كانت هذه العوائد المذكورة مستساغة لا إثم فيها (سيما إذا لم ترتبط باعتقاد معين)، فإن هناك عوائد وبدعا أخرى مذمومة مشينة ابتدعها الناس في بلدنا ينبغي التصدي لها والتنبيه إليها بشتى الوسائل، وتربية الأجيال على محاربتها. من ذلك ما يشيع بين الأطفال من لعب بالشهب المشتعلة والمفرقعات في هذه المناسبة مع ما في ذلك من أخطار على صحتهم وصحة غيرهم، كما يشيع بين الشباب إشعال النيران المتلظية في ليلة عاشوراء وهي عادة مستهجنة مستقبحة، وربما كانت من بدع الشيعة الرافضة إظهارا للحزن كما سبق.
ويشيع بين شباب المغرب كذلك التراشق بالماء كلما حلت ذكرى عاشوراء وهي عادة دخيلة غير إسلامية، ورثها من ورثها عن اليهود.
يقول الأستاذ عبد الرزاق هرماس: «… فإن ظاهرة التراشق بالمياه في عاشوراء من البدع التي استحدثها يهود ليبيا، وشاعت في أوساطهم جيلا بعد آخر قبل هجرتهم الجماعية إلى فلسطين المغتصبة، وانتقلت هذه البدعة من يهود ليبيا لتنتشر بين يهود المغرب في الملاحات قبل هجرتهم أيضا أما قصدهم من هذه البدعة الشركية، فقد كان معتقد يهود ليبيا وأكثرها صحراء أن التراشق بالماء في هذه المناسبة سبب للغيث ونزول المطر في العام المقبل، لذلك درج اليهود على تشجيع أبنائهم على هذه العادة الكافرة» (14).
والأدهى من كل هذه الضلالات والبدع المحدثة، أن ينشط السحرة والساحرات، وتتحرك الجاهلات من النساء لإذاية الأزواج وسائر الضحايا معتقدات أن سحر عاشوراء سحر نافذ لا يبطل. وإنه ليتأذى في تلك الليلة ليلة عاشورا، الكثير من الناس والصبيان بسبب تلك الأعمال الكفرية والطلاسيم والأبخرة الشيطانية، فليكف المسلم صبيانه في تلك الليلة وليرقيهم بالرقية الشرعية. وهل ينتبه المسلمون والعلماء والدعاة والمربون والآباء إلى هذه الأمور وهذه البدع المستقبحة الفاسدة، فيدعون إلى نبذها وتركها ويحيون بالمقابل سنة الصيام وشكر الله تعالى تأسيا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟