هل يتغيّر واقع التعليم في المغرب؟

إصلاحات وزير التعليم الجديد بالمغرب.. هل تُغيّر واقع المدرسة العمومية؟
تضمن مخطط محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب، إجراءات متعددة لأجل تطوير المدرسة العمومية، في بلد يعترف رسميا بوجود عدة اختلالات في القطاع جعلته يتلّقى انتقادات محلية ودولية متعددة، وأدت بالكثير من الأسر إلى البحث عن المدارس الخصوصية لتمكين أطفالهم من تعليم يرونه مناسبا.

فخلال ندوة صحفية بداية هذا الأسبوع، تعهد محمد حصاد، في أوّل موسم دراسي يشرف عليه، بتحقيق خمسة أهداف، لخصها في تحسين النموذج البيداغوجي، وتنويع العرض التربوي، والعناية ببنيات الاستقبال، وتحسين ظروف التعليم، وتعزيز التكامل بين مكوّنات المنظومة، وإعادة الانضباط.

وممّا أعلن عنه حصاد هناك إصلاح البنى التحتية كصباغة الجدران وإنهاء سبورات الطباشير وتجديد الطاولات وإصلاح الإنارة وتقليص عدد التلاميذ في الأقسام حتى لا يتجاوز 30 تلميذا في القسم الأول الابتدائي و40 تلميذا في بقية الأقسام، (يصل أحيانا إلى 50 تلميذا أو أكثر)، وتوظيف 24 ألف أستاذ جديد بموجب عقود.

كما تعهد الوزير بمحاربة ظاهرة الغياب بين صفوف الأساتذة، وبدء استقبال التلاميذ في المدارس العمومية انطلاقا من سن الخامسة، والتشدد في هندام الأساتذة، وتوسيع المسالك المهنية في الإعدادي والثانوي، وتطوير تدريس اللغات في المستوى الابتدائي، متحدثا عن أن الوزارة قرّرت القطع مع منطق تشتيت الأهداف والتركيز على أهداف معينة.

الجميع متفق على أزمة المدرسة العمومية

وكانت عدة تقارير محلية ودولية قد أكدت وجود اختلالات متعددة في المدرسة العمومية المغربية، ومن ذلك تقرير أصدره المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في المغرب عام 2014، وهو هيئة دستورية استشارية، وأبرز التقرير استمرار نسب الانقطاع عن الدراسة، وضعف مكتسبات التلاميذ، والنقص في تكوين المدرّسين، والولوج المحدود للتعلم بواسطة التكنولوجيا الجديدة، وتعثر الحكامة، وضعف مردودية البحث.

وممّا أحال عليه التقرير، أن الانقطاع عن الدراسة “مقترن أساسا بمدرسة لم تفلح في الحفاظ على تلامذتها، نظرا لافتقارها إلى الجودة”، وأن مكتسبات التلاميذ المغاربة “ضعيفة في القراءة والكتابة إجمالا، ممّا أدى إلى التباعد بين لغة التدريس بالثانوي واللغة المستعملة بالتعليم العالي”، مبرزا وجود استياء وعدم الرضا بين الأساتذة عموما، ووجود نقص في آليات اليقظة والتقييم.

ويظهر أن كل وزير للتعليم في المغرب يُعلن عن قرارات جوهرية، لكن مداها يتوقف سريعا أو لا يتم الاستمرار فيها، ومن ذلك قرار منع أساتذة التعليم العمومي من الاشتغال في القطاع الخاص الذي بدأ في عصر محمد الوفا، وتراجع عنه محمد حصاد.

على الإصلاحات أن تنفذ إلى العمق

يرى مصطفى تاج، رئيس منظمة الشبيبة المدرسية، أن الإصلاح يجب أن يكون شموليا وأن يقع بشكل تشاركي خاصة على ضوء الإجماع بوجود مشاكل كبيرة ناتجة عن تراكمات لعقود، لافتًا أن العمل التشاركي يجب أن يبدأ من التشخيص بدل الاقتصار على المجلس الأعلى في هذا الموضوع، فـ”هناك عدة هيئات وفعاليات وطنية قادرة على تقديم أفكارها فيما يتعلّق بوضعية المدرسة العمومية، وبعد ذلك، عندما تتوضح الرؤية، يمكن البدء بالتفكير في الحلول”.

ويتابع تاج في تصريحات  أنه مع استحضار حسن النية لما تقوم به الوزارة، فالإصلاحات المعلن عنها “شكلية وترّكز على أمور ثانوية”، مشيرًا أن المخطط الجديد لم يتناول ضرورة إعادة الاعتبار للأستاذ وإتاحة التكوين المستمر أمامه، وجعله شريكا في رؤية الإصلاح، مردفا أن المغرب شهد منذ استقلاله أزيد من 38 وزيرا في التعليم، كل واحد عمل بمنطقه وقًطع مع عمل سابقه، وفي كل ولاية وُجدت اختلالات متعددة، لكن لم يحل أيّ وزير على المحاسبة.

ويفرض هذا الوضع، حسب تاج، أن يكون قطاع التعليم سياديا: “ليس ضروريا أن يحمل الوزير لونا سياسيا، المهم القطع مع المنطق السياسوي والضيق وتصفية الحسابات وسنّ سياسة مستدامة”، يقول المتحدث

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: