‎الموسم الدراسي الجديد بالمغرب ينطلق بنفس إصلاحي

* كشفت العديد من الإجراءات الجديدة التي قامت بها وزارة التربية الوطنية بالمغرب للموسم الدراسي 2017-2018، عن وجود رغبة حاسمة في إصلاح المنظومة التربوية وتطوير كفاءات ومهارات التلاميذ. وفي هذا الصدد أكد محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أنه من ضمن الأهداف الرامية إلى تحسين الكفايات الأساسية لتلاميذ التعليم الابتدائي، اعتماد معايير تضمن ظروف تحصيل ملائمة من خلال تخفيف أعداد التلاميذ داخل الفصول الدراسية

‎بداية طريق الإصلاح تكون من الفصل الدراسي

‎ وضعت وزارة التربية المغربية محاربة الاكتظاظ داخل الأقسام كإحدى أولوياتها لتحسين ظروف التحصيل المدرسي للطالب. وحددت سقف 30 تلميذا في كل فصل كحد أقصى بالنسبة للسنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، و34 تلميذا بالفصل كحد أقصى في باقي المستويات، حسب ما جاء في برنامج العمل الذي أعدّته الوزارة.
‎ويقول المهنيون داخل الهيئة التدريسية بأن تحديد عدد التلاميذ داخل الفصول الدراسية لا يوازيه تشغيل معلمين وأساتذة بالعدد الكافي بالإضافة إلى العدد القليل من الفصول الدراسية في المدارس.
‎ويسعى وزير التربية الوطنية إلى ترجمة برنامج العمل الأولي المتعلق بالعودة المدرسية 2017-2018، على أرض الواقع والذي يهدف إلى الحد من ظاهرة الاكتظاظ، والعناية بالفضاء المدرسي وتحسين ظروف استقبال التلاميذ، إضافة إلى تعزيز اللامركزية وإعادة الضبط والانضباط داخل المنظومة التربوية.
‎وقال أستاذ التعليم العمومي بمدينة برشيد، عبدالهادي الفحيلي، في تصريح له إن حل مشكلة الاكتظاظ في الفصول الدراسية وتقليص عدد المتمدرسين مطلب ضروري للدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام، لكن لا ينبغي أن نحصر مشكلة المدرسة في هذا الجانب، مؤكدا أن المدخل لإعادة الاعتبار للعملية التعليمية يبدأ بتأهيل المجتمع وجعل المدرسة في قلب الاهتمامات ومحور التخطيط والرؤية الإستراتيجية. وعمدت وزارة التربية الوطنية إلى توظيف 24 ألف أستاذ، بعقود محدودة المدة الزمنية لتوفير الموارد البشرية لحل مشكلة الاكتظاظ داخل الفصول.
‎واعتبر الكاتب العــام للائتـــلاف المغربي لترشـــيد الحقل اللغوي، عطاء الله الازمي، مشروع تعاقد الأساتذة مع الوزارة، فرصة غير مكتملة وليست ممنهجة بالشكل المأمول، فهؤلاء يمثلون فئة من حاملي الإجازات، لديها رغبة في التحصيل والتكوين لكن الفترات الزمنية المخصصة للتكوين غير كافية.
‎واستدرك الازمي قائلا، إن هذا لا يعني أنهم غير قادرين على القيام بمهامهم لأن لديهم رغبة وإصرار على التعلم الذاتي، ومنهم من مارس التعليم الخصوصي لسنوات، وراكم تجربة مهمة تعليميا ومنهجيا، والمطلوب هو إعادة النظر في مدة التكوين وفتراته ومجزوءاته حتى تفي بالغرض وتحقق المطلوب.
‎غير أن عبدالهادي الفحيلي أكد أن اعتماد نظام التوظيف بالتعاقد من طرف الوزارة يبدو للعديد من المهتمين بالقطاع والفاعلين، ضربا من السياسة الترقيعية، فقطاع التربية والتعليم من أشد القطاعات حساسية، وهو يمثل خدمة عمومية على الدولة أن توفرها بكل ما يليق بها من جودة وكفاءة.
‎إعادة الاعتبار للعملية التعليمية تبدأ بتأهيل المجتمع وجعل المدرسة في قلب الاهتمامات ومحور التخطيط
‎وتسعى الحكومة المغربية إلى تنزيل إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي واقعيا وفق مبادئ أساسية تقوم على اعتبار المؤسسة التعليمية محور الإصلاح، مع ضرورة الارتقاء بها من خلال خمسة مكونات أساسية وهي التلميذ والأستاذ والإدارة التربوية والأسرة والفضاءات والتجهيزات.
‎وأوضح الفحيلي أن تعاقد الوزارة مع 24 ألف مدرس دون تكوين يذكر و”إقحامهم” في منظومة تعاني من تراكم الأزمات وسوء التدبير والتخطيط والأخطاء الموروثة منذ عقود، لن يحل هذه المعضلة إلا في جانبها المتعلق بالنقص في الموارد البشرية. لكنه يعمق الأزمة أكثر في ما يتعلق بالكفاءة والجودة في الأداء.
‎ولفت أستاذ التعليم بمدينة برشيد، إلى أن ما يحسب للوزارة هو أن الدخول المدرسي الحالي حلّ نسبيا، دون ما كان يسجل في المواسم الماضية من قلق يتعلق بإعادة الانتشار وتدبير النقص في الموارد البشرية.
‎وقررت وزارة التربية في هذا الموسم استقبال التلاميذ في عمر 5 سنوات ونصف بمؤسسات التعليم العمومي للسنة الأولى من التعليم الابتدائي. كما سيجري تطوير تدريس اللغة العربية وإدراج اللغة الفرنسية بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي.
‎وأصدر محمد حصاد في بداية الدخول المدرسي الحالي مذكرة استعجالية إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تنصّ على جعل تحية العلم بالنشيد الوطني في بداية كل أسبوع وفي نهايته ممارسة منتظمة.
‎وفي مجال التعليم الخاص مثّل إطلاق مجموعة “لندن أكاديمي” العاملة في مجال التعليم والتربية والتكوين -أول مدرسة ذكية بالدار البيضاء- الحدث. وأكدت المجموعة المنشئة أنه سيتبعها إنشاء مدارس أخرى في الرباط ومراكش، وأن المغرب سيكون نقطة الانطلاق لإنشاء مدارس مماثلة في عواصم دول أفريقيا الغربية، ابتداء من السنة المقبلة.
‎وقال سمير بنمخلوف، الرئيس المدير العام للندن أكاديمي، إن أول استثمارات المجموعة التي رأت النور هذا العام هو مدرسة “بوسكورة” في الدار البيضاء، التي تعمل بالنظام الإنكلوسكسوني والمغربي، وتوفر تعليما متطورا بإشراف مباشر من أساتذة مغاربة وأوروبيين وأميركيين وأستراليين.
‎وأشار بنمخلوف إلى أن “مدارس لندن أكاديمي تعتمد أيضا على توظيف الحلول التكنولوجية الذكية في المناهج البيداغوجية من أجل صقل معارف ومهارات الأطفال الذين يتابعون دراستهم في أقسامها”.
‎من جانبه اعتبر عطاء الله الازمي أن هذه ليست هي المجموعة الأجنبية الأولى من نوعها التي تؤسس مؤسسة تابعة لها بالمغرب، حيث توجد في منطقة طماريس أكاديمية جورج واشنطن وكذلك بمنطقة واد مرزك توجد المدرسة البلجيكية. وأكد أنه متى توفر لهذه المؤسسات ترخيص قانوني، واستجابت لدفتر التحملات، بما فيه الشق التربوي والمادي والهيكلي، يمكنها أن تشكل إضافة نوعية، خصوصا المؤسسات ذات التوجه الإنكلوسكسوني، في ظل انحسار وتراجع التعليم الفرنكفوني.
‎وأكدت مديرة عمليات مكتب البنك العالمي بمنطقة المغرب العربي، ماري فرانسواز ماري نيلي، أن المغرب نجح في ضمان الولوج الشامل للسلك الابتدائي، سواء للإناث أو للذكور، مضيفة أن إصلاح التربية يعد مسارا طويل، فمن أجل النجاح في رفع هذا التحدي من الضروري تحسين جودة تكوين المدرسين، وتوعية الآباء ومكافحة الانطلاق المتأخر للدراسة وتطوير إستراتيجية للتربية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: