‘جون أفريك’.. أو عندما يسقط الإعلام في وحل التضليل المقصود
موقف المغرب كان دائما واضحا من الإرهاب محليا وإقليميا ودوليا، فقد ساند كل المبادرات الدولية لمحاربته وساهم في الكشف عن خلايا إرهابية وأبطل عددا من المحاولات التفجيرية.
يجعلنا نسأل الكاتب والإعلامي دومينيك وولتون، حول كيف السبيل لمنع الإعلام ووسائل التواصل من أن يصبحا أداتي تسريع لسوء التفاهم والكراهية، بعد أن كانا بالأمس عاملي تقارب، نضع العديد من الخطوط الحمراء تحت ما نشرته مجلة جون أفريك في عددها الصادر من 27 غشت إلى 3 شتنبر ، وتصدرت غلافها صورة جمعت شبابا مغاربة مولودين بأوروبا، وفي الخلفية علم المملكة المغربية وعنوان مستفز يقول “الإرهاب، ولد في المغرب”.
هذا الهجوم التضليلي يفيد بأن المجلة الفرنسية المهتمة بالشأن المغاربي والأفريقي، حادت عن الصواب في تقييمها لدور المغرب الذي يعرفه مديرها جيدا. ولا تمكن مقاربة أسباب هذا التوجه إلا في سياق الهجمة التي يتعرض لها المغرب مؤخرا إعلاميا ودبلوماسيا بعدما أصرت الرباط على أنها لن تتخلى عن موقعها داخل أفريقيا.
لا يخفى أن وعي المغرب بما تمثله أفريقيا للدول الغربية والصين جعله يتشبث بتموقعه داخل القارة السمراء، وهو ما لم يعجب العديد من القوى داخل وخارج أوروبا خصوصا بعدما قوبل طلبه بالانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بشكل إيجابي باعتباره نموذجا يحتذى في العديد من المجالات ومنها مقاربته المتعددة في محاربة الإرهاب وباعتباره المستثمر الثاني في القارة اقتصاديا.
إن اهتمام جون أفريك بالشأن المغربي منذ عقود أعطاها امتيازا إعلاميا وسياسيا من جهات داخل الدولة يبدو أنها في طريقها إلى فقدانه. بعدما شبّه ماسيل داسوزا، رئيس لجنة المجموعة التجارية لدول غرب أفريقيا، انضمام المغرب إلى المجموعة بـ”الزواج الذي لا يتبعه طلاق”؛ تسقط كل الأباطيل والخطط الإعلامية والدعائية التي تمت حياكتها داخل أقبية المخابرات بالجزائر وبتنسيق مع العديد من اللوبيات في الغرب وبعض دول أفريقيا.
يمكن فهم توجه المجلة في إطار لعبة الابتزاز التي سقطت فيها قبلها جرائد فرنسية بالتحديد منها لوموند. لا علاقة للأمر بحرية التعبير هنا، فنشر المجلة ملفا توحي فيه بأن المغرب، حكومة وشعبا وحضارة، ينشر الإرهاب في أوروبا يدخل في إطار التجييش الإعلامي ضد المغاربة الذين يعيشون في كنف تلك الدول ويحترمون قوانينها ويساهمون في نمو اقتصادها.
وكان وزير داخلية المغرب عبدالوافي لفتيت صارما في رده على من يتهمون المغرب بتصدير الإرهاب إلى العالم، عندما أكد أن أبناء المهاجرين المغاربة من الجيل الثاني والثالث ولدوا في البلدان الأوروبية، ويحتاجون إلى عناية خاصة تجنبهم السقوط في براثن الإرهاب وبين أيدي بعض الأئمة المتطرفين دينيا.
موقف المغرب كان دائما واضحا من الإرهاب محليا وإقليميا ودوليا، فقد ساند كل المبادرات الدولية لمحاربته وساهم في الكشف عن خلايا إرهابية وأبطل عددا من المحاولات التفجيرية. فهل يمكن اعتبار ما نشرته المجلة كبوة أم تغييرا في خط التحرير أم هي ضغوط المصالح المادية طغت بقوة على الموقف المبدئي؟
بعد تأكيد الحكومة المغربية أن توضيح المجلة لم يكن في مستوى تجاوز الإساءة البالغة، باعتبار أن العمل المنجز مستفز وهو سواء أكان بقصد أم بغير قصد ينخرط في حملة ظالمة شهدناها في عدد من الدول وصفحات الشبكات الاجتماعية، الإجابة عن التساؤل ستكشف عنها الأيام المقبلة إما بنشر المجلة لملف آخر مخالف وإما باستكمال الصورة.