منظمات الإغاثة الدولية تعلن إنسحابها من المتوسط
أيام عصيبة تلك التي تنتظر الحالمين في عبور المتوسط إلى إيطاليا بعدما أعلنت المنظمات غير الحكومية التي كانت تتولى إنقاذ اللاجئين في عرض البحر انسحابها في ظل الضغوطات التي مارستها الحكومة الإيطالية عليهما لتعيد اللاجئين إلى ليبيا عوض نقلهم إلى إيطاليا، بينما طلبت السلطات الليبية هذه المنظمات بعدم دخول مياهها الإقليمية.
فبعد يوم من إعلان منظمة “أطباء بلا حدود” الإغاثية عن تجميد عمليات إنقاذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، أقدمت منظمتات أخرى على اتخاذ خطوة مماثلة لدواع أمنية.
ونقلت وكالة “فرانس برس” يوم الأحد عن منظمة “سي آي” الألمانية غير الحكومية تأكيدها أنها تشعر بألم شديد، وهي تضطر إلى الاقتداء بخطوة “أطباء بلا حدود” بسبب التهديد الواضح للمنظمات الإغاثية غير الحكومية من قبل الحكومة الليبية.
وأوضح مؤسس المنظمة ميخائيل بوشخوير في بيان أن القوات البحرية الليبية طالبت جميع السفن الأجنبية الخميس الماضي بالابتعاد عن سواحل البلاد، وقال: “في هذه الظروف من المستحيل بالنسبة لنا الاستمرار في إجراء عمليات الإغاثة، لأن ذلك سيعني عملا غير مسؤول بالنسبة لطواقمنا”.
من جانبها، أعلنت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية في بيان عن سحب سفينتها إلى ميناء مالطا، مشددة على أن هذا القرار اتخذ على خلفية مشاكل ناجمة عن تصرفات البحرية الليبية.
واتهمت المنظمة خفر السواحل الليبية بخلق حالة من الغموض بالنسبة للمنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة، مضيفة أن سفينتها ستكون جاهزة لاستئناف عملياتها فور حصول المنظمة على الضمانات الأمنية اللازمة.
جاء ذلك بعد ساعات معدودة منذ إعلان منظمة “أطباء بلا حدود” عن سحب سفينتها من البحر المتوسط بغية عدم تعريض موظفيها للخطر، في ظل التصرفات العدائية من قبل خفر السواحل الليبي.
ووجهت المنظمة أيضا انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإيطالية متهمة إياها بالخلط بين الهدف الإنساني، أي إنقاذ الأرواح البشرية، والتطلعات السياسية والعسكرية الرامية إلى تقليص عدد المهاجرين القادمين إلى القارة العجوز.
تجدر الإشارة إلى أن المنظمات غير الحكومية تلعب دورا كبيرا في عمليات الإغاثة في المتوسط، إذ أنقذت أكثر من ثلث مجموع المهاجرين الذين تمت إغاثتهم في البحر منذ بداية العام الجاري، حسب وكالة “رويترز”.
غير أن العلاقات بين هذه المنظمات والحكومة الإيطالية شهدت تصعيدا ملحوظا في حدة التوتر على خلفية طرح روما قواعد السلوك الجديدة، التي تقضي بضرورة وجود عناصر من الشرطة الإيطالية على متن القوارب العائدة للمنظمات الإغاثية غير الحكومية، وبنقل أي قارب للمهاجرين الذين يصعدون على متنه إلى الميناء بنفسه، دون تسليمهم إلى قوارب أخرى، مما يعيق عمليات الإنقاذ.
وكانت إيطاليا توصلت إلى اتفاق مع حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا بشأن تنسيق الجهود بغية تقليص عدد المهاجرين المتوجهين إلى سواحل القارة العجوز على متن قوارب مطاطية، علما بأن مسألة الهجرة غير الشرعية تحتفظ بمكانتها الاستثنائية في الأجندة الأوروبية، والإيطالية الداخلية على وجه الخصوص.
هذا ويخشى المراقبون أن يتحول المتوسط من جديد إلى مقبرة للحالمين بالوصول إلى الشواطئ الأوربية، فبعد هدنة استمرت لحوالي سنتين بفضل تواجد العديد من منظمات الإغاثة الدولية سيترك هؤلاء اللاجئين لمواجهة مصيرهم بأنفسهم.