خطاب استثنائي للملك محمد السادس
يرى محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية أن “الخطاب كان استثنائيا حيث خصص بالكامل للشأن الوطني على غير عادة خطب العرش التي كانت تخصص أيضا لمنجزات السياسة الخارجية”.
عبدالمنعم لزعر: خطاب العاهل المغربي يجيب عن أسئلة اللحظة السياسية والمجتمعية
ويضيف “يمكن اعتبار أن هذا الخطاب سيكون بداية لحرب شرسة على السياسوية بسبب عدم تحملهم المسؤولية، كما أنه سلط الضوء على حقائق مغربية أرادت أطراف أن تبقي عليها في الظل”. ويقول “إن خطاب العرش لهذه السنة ارتكز على واقعية كامنة وقرارات قادمة وأكد تفاعلا ملكيا مع قضايا الواقع المغربي ومن بينها ملف الحسيمة، وبصريح العبارة يقدم الخطاب أسباب سير المغرب بخطى سريعة وهو يعلم أن ملفات عاجلة لا تحتمل التأجيل ولا عدم القدرة على الإنجاز ولا الاختباء وراء القصر الملكي”.
ويضيف بودن “يمكن وصف هذا الخطاب الملكي بالخطاب التعبوي ضد أصحاب المصالح الضيقة بحيث وضع السياسويين في الزاوية وهم الآن لا يحظون بالثقة الملكية ولا الثقة الشعبية . بحيث جاء الخطاب عميقا وموجها رسائل للساسة وكشف ما يجول في خواطر البعض الذين اعتقدوا مند زمن طويل أن التوجه البراغماتي يستوجب مخاطبة المغاربة بلغة خشبية أو لغة المونولوج وعلى حساب الأهداف الوطنية”.
ولفت بودن إلى أن “الخطاب عاد بقضايا بقيت بعيدة عن الأضواء الرسمية، وجعل المواطنين يشعرون بنشوة ممزوجة بترقب لما ستتبع مضامينه من قرارات ملكية”.
وما يمكن فهمه من الخطاب كذلك يتعلق بكون أن النجاح في أي مجال يستدعي المزيد من النجاح في مجالات أخرى، بمعنى استثمار كل إمكانيات البلد وصهر ذلك في مشروع وطني قائم على جبهة وطنية موحدة ونخب مؤهلة وإدارة ذكية وسياسة مواطنة وأمن يسهر على حماية المكتسبات ويحد من المخاطر.
ويشير بودن إلى المستوى الكرونولوجي حيث توجه الملك محمد السادس بخطاب العرش سنة 2016 في العاشرة صباحا، بينما حصلت سابقة في هذه السنة بتقديم الملك لموعد خطاب العرش في يوم 29 يوليو وفي الساعة التاسعة مساء على غير العادة، وعكس القاعدة المتعارف عليها أن خطب ذكرى المسيرة الخضراء وذكرى ثورة الملك والشعب، كانت كلها توجه في الغالب مساء، أما خطب العرش، فمنذ خطاب العرش الأول للملك محمد السادس في 30 يوليو 1999 الذي ألقي مساء، وخطب العرش تلقى في الساعة الثانية عشرة زوالا في أغلب السنوات منذ عام 2000 إلى غاية 2010.
ويضيف “تغير توقيت توجيه خطاب العرش جزئيا إلى الواحدة بعد الزوال في سنوات 2012 و2013 و2015 والثانية بعد الزوال سنة 2014 والثانية والنصف زوالا سنة 2011، وبحكم أن خطاب العرش يشكل لحظة سنوية لترسيخ الخيارات الكبرى للدولة، واستشراف التوجهات المستقبلية، ومشاطرة الشعب بالانشغالات العميقة للدولة.
ويذكر بأسس التعاقد والالتزامات بين العرش والشعب، فإن التركيز حول توقيت توجيه خطاب العرش له أهمية قصوى، وله أثر في تهيئة المواطنين لتلقي مضامين أبرز خطاب ملكي على مدار السنة”.