خطاب العرش يرسخ الخيارات الكبرى للمغرب
مرت ثمانية عشر عاما على اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس العرش الملكي. وتمكن العاهل المغربي خلالها من جعل المغرب نموذجا أفريقيا وعربيا ودوليا يقتدى به. بفضل استراتجية تستجيب أولا لتطلعات المواطن المغربي الاقتصادية والسياسية، لكن فشل الأحزاب السياسية المغربية في احتواء أزمة الحسيمة مؤخرا جعل العاهل المغربي يفضح تراخيها عن أداء دورها المطلوب منها، معلنا عن فقدان الثقة فيها واتخاذ حزمة من الإجراءات لمعالجتها.
قوات الشرطة المغربية تحملت مسؤوليتها بشجاعة وصبر
وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب الذكرى الثامنة عشرة لاعتلائه العرش رسائل إلى الطبقة السياسية بالمغرب حذر فيها الساسة من مطبة انشغالهم بالحسابات الحزبية الضيقة دون الالتفات إلى مشاغل المواطن المغربي.
وحمل الملك محمد السادس مسؤولية الاحتقان الاجتماعي بالريف المغربي، إلى الأحزاب السياسية، والتي في اعتقاده “تراجعت عن دورها عن قصد وسبق إصرار أحيانًا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانًا أخرى”.
وشدد بالقول “إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم”.
وقال العاهل المغربي إن “المغرب، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات. ولكننا نعيش اليوم في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها”. واستطاع المغرب بفضل قيادة الملك محمد السادس من تحقيق تقدم اقتصادي ودبلوماسي يشيد به دول الجوار والعالم حيث بات نموذجا يقتدى به.
لكن التجاذبات الحزبية التي عاشتها عملية تشكيل الحكومة المغربية جعلت الشارع المغربي يفقد الثقة في الأحزاب والسياسيين. وكشف الفشل الحزبي عن حاجة الشارع المغربي لرؤية الملك محمد السادس الناجعة والناجحة التي قادته إلى بر الأمان والتقدم.
المواطن الأولوية الأولى
أكد الملك محمد السادس أنه “إذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا، وتبقى دون طموحنا”.
وأوضح أن “ذلك راجع بالأساس، في الكثير من الميادين، إلى ضعف العمل المشترك، وغياب البعد الوطني والاستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية، والتبخيس والمماطلة، بدل المبادرة والعمل الملموس”.
لفت عبدالمنعم لزعر الباحث المغربي في العلوم السياسية والقانون الدستوري خلال تصريحات إلى أن “خطاب العاهل المغربي يجيب عن أسئلة اللحظة السياسية والمجتمعية التي يعيشها المغرب وتوقيته بمثابة مفتاح أمل للتحرر من مأزق ملف الريف وتحدياته”. وأشار الباحث في العلوم السياسية حفيظ الزهري في تصريح إلى أن “قوة رسائل الخطاب الملكي عندما تطرق الملك محمد السادس لأهم اهتمامات المواطنين ومعاناتهم اليومية في ظل غياب للوسائط المؤسساتية من أحزاب ونقابات وقد فقد الملك الثقة في أغلبية الفاعلين السياسيين الذين ساهموا بذلك في إضعاف العمل السياسي”.