الاحتجاجات الأخيرة بالحسيمة كشفت تراخي الأحزاب في أداء دورها
واعتبر الملك محمد السادس أن مسؤولية وشرف خدمة المواطن تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة إلى إنجاز المشاريع، صغيرة كانت أو متوسطة أو كبرى، متسائلا “ما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟”.
وقال نوفل بوعمري، المحامي والناشط السياسي، لـ”العرب”، إن “الخطاب الملكي جاء في أغلب مضامينه ليعكس نبض وقلق الشارع، وخاصة المواطن الذي انتابه اليأس في علاقته مع مختلف الفاعلين السياسيين ولم يعد يجد أمامه غير الملك للتوجه إليه ومخاطبته”.
وعلق المرتضى اعمراشا، الناشط في احتجاجات الريف المتابع قضائيا، على الخطاب الملكي قائلا إنه “خطاب شجاع بكل المقاييس”.
وتزامن خطاب العرش مع العفو الذي شمل شباب التدوينات الفيسبوكية المنتمين إلى العدالة والتنمية وجزءا كبير من معتقلي احتجاجات الحسيمة ممن لم يتورطوا في أحداث جسيمة أثناء الاحتجاجات اعتبارا لظروفهم العائلية والإنسانية، وتعد إشارة إيجابية للمصالحة مع المنطقة.
وفي معرض تقييمه لأداء المسؤولين المغاربة أشار العاهل المغربي، إلى أنه “عوض أن يبرر المسؤول عجزه فالأجدر به أن يقدم استقالته”، مؤكدا أن “المغرب يجب أن يبقى فوق الجميع، فوق الأحزاب، وفوق الانتخابات، وفوق المناصب الإدارية”.
ولفت لزعر، إلى أنه في السنوات الأخيرة تخلت العديد من المؤسسات عن صلاحياتها ودورها المنوط بها سواء كانت المؤسسة البرلمانية أو الحزبية أو الحكومية، تحت تبريرات متعددة. من قبيل غياب السلطة أو التحكم أو غياب استقلالية، وهنا نبه خطاب العاهل المغربي إلى ضرورة تحمل المسؤولية أو تقديم الاستقالة والانسحاب.
وتساءل الملك محمد السادس “ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟” وأضاف “إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة، ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب”.
ولفت الزهري، إلى أن الملك محمد السادس شدد على ضرورة إقران المسؤولية بالمحاسبة وتطبيق القانون وهي إشارة ضمنية لمرحلة جديدة ستعرف تعاقدا جديدا بين المواطن والدولة تحت عنوان عريض اسمه “المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة”.
وأشاد الملك محمد السادس بدور المؤسسة الأمنية بالمغرب، خصوصا القوات العمومية التي كانت في خط التماس مع التدافعات الجماهيرية التي تفرزها الحركات الاحتجاجية، منوها برجال الأمن الذين قال إنهم يعملون آناء الليل وأطراف النهار، وفي ظروف صعبة، حيث كان هاجسهم الأول هو خدمة أمن الوطن والمواطنين.
وقال نوفل بوعمري إن “الخطاب الملكي كشف فقدان ثقة المواطن في الأوساط الحزبية التي تجاوزتها الأحداث والوقائع بسبب عجزها وتخليها الإرادي عن القيام بواجبها في التأطير وفي تمثيل المواطنين”. وبين بوعمري أن “الاحتجاجات الأخيرة بالحسيمة كشفت تراخي الأحزاب في أداء دورها والبحث عن حلول ناجعة للخروج من مأزق الاحتجاجات الشعبية”.
ورفض العاهل المغربي كل الادعاءات التي بررت عجز الأحزاب في احتواء أحداث الحسيمة. وكانت هذه الادعاءات قد زعمت بأن هناك انقسامات بوجود تيار معتدل وآخر متشدد في التعاطي مع المسيرات غير المرخصة، مؤكدا أن “هناك في المغرب توجها واحدا والتزاما ثابتا هو تطبيق القانون واحترام المؤسسات وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم”.
وشدد العاهل المغربي في الخطاب على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدا أنه قد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يطبق أولا على كل المسؤولين دون استثناء أو تمييز، وبكافة المناطق.
وقال بوعمري إنه “مع إنهاء اللجنة الملكية للتحقيق في عملها بخصوص مشاريع الحسيمة، ستكون هناك معالجة للآثار السياسية والقانونية على مستوى المسؤولين الذين ثبت تهاونهم في تنفيذ المشاريع التي قدموها أمام الملك”.