النفايات الإلكترونية ثروة مهدورة في المغرب
لمْ يعد تراكم بقايا الطَّعام ومخلفات الصناعة مصدر النفايات الوحيد في بلدان العالم، خاصة بعد الطفرة التكنولوجية التي شهدتها العقود الأخيرة، والإقبال المتزايد والمتجدد على الأجهزة الإلكترونية، حيث إنضافت المعدات الإلكترونية إلى لائحة ما يصل إلى المزابل من نفايات، ليتفاقم إشكال التخلص وإعادة التدوير، حتى أنَّ المغرب يخلفَ حوالي مئة ألف طن من النفايات الإلكترونية سنويا.
في ظل التطورات التكنولوجية والتقنية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبحت البشرية مرتبطة أكثر من أي وقت مضى بالأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ما يعني أن خطر النفايات الإلكترونية يزداد في كل مرة نتخلص فيها من المتقادمة منها.
ويتخلص المغاربة يوميا من هواتف محمولة ومصابيح كهربائية وبطاريات شحن وأجهزة تلفاز وفيديو وراديو وطابعات وكمبيوترات متهالكة واللائحة طويلة، وصلت إلى حوالي 100 ألف طن من النفايات الإلكترونية سنويا، بمعدل 3.7 كيلوغرام للفرد الواحد.
وتتركز نصف كميات هذه النفايات بالمدن الكبرى، ضمنها طنجة والدارالبيضاء والرباط ومراكش وأكادير، بنسبة تصل إلى 54 في المئة.
هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر في المغرب الذي سيعيش على واقع خطر النفايات في ظل ارتفاع نسبة استهلاك المغاربة للأجهزة الإلكترونية ولهفتهم على استبدالها بأحدث التكنولوجيات أو لانتهاء صلوحيتها.
مسايرة التكنولوجيات الحديثة لا يوازيها حسن التخلص من الأجهزة الإلكترونية القديمة، فأغلبية المغاربة ما زالوا يتخلصون من هذا النوع من النفايات في الحاويات المنزلية وهو ما يشكل خطرا على الصحة والموارد الطبيعية، كالتربة والمياه، خاصة في ظل غياب شروط السلامة والوقاية الضروريتين.
يحذر الخبراء من حجم المضار التي تشكلها النفايات الإلكترونية بحكم مكوّناتها التي تشتملُ على أكثر من المادة مختلفة منها الرصاص والنيكل والقصدير والزنك والبريليوم والزرنيخ والزئبق وغير ذلك من المعادن، كل هذه المواد تهدد صحة الانسان وسلامة البيئة، في حين يمكن استغلالها ثانية بالنظر إلى ما يظلُّ منها من معادن مفيدة.
المعادن الثقيلة خطيرة على صحة الإنسان
كل هذه المواد السامة تهدد الطبيعة والإنسان، سواء بعد طمرها في المطارح أو عند حرقها، إذ تلوث الهواء والمياه الجوفية.
وتكمن خطورة هذه المعادن الثقيلة، في أن تراكمها في الطبيعة، يجعلها تتفاعل في ما بينها، فتنتقل سمومها إلى الإنسان والحيوان والهواء والتربة، عن طريق المزروعات، أو عبر المائدة المائية أو عن طريق الهواء، ما يسبب انتشار أمراض سرطانية ورئوية، حسب ما أوردته العديد من الدراسات حول سم النفايات الإلكترونية.
ويتحول جهاز الكمبيوتر إلى قنبلة موقوتة، خلال شهور قليلة من رميه في المزبلة، لتضمّنه نسبة عالية من الرصاص، يمكن أن تتجاوز الكيلوغرام الواحد، حسب حجم الكمبيوتر، إلى جانب مادة الزرنيخ والكوبالت والزئبق وجميعها تحتوي على مواد سامة.
والأمر مشابه بالنسبة إلى شاشة التلفاز التي تحتوي على كيلوغرامين من الرصاص، حسب ما ورد في عدد من البحوث الأجنبية المنجزة حول الموضوع.
وعند حرق هذه النفايات، شديدة السمية، ينتج عنها غاز ثاني أكسيد الكربون، وأكسيد الحديد والنحاس، ما يؤدي إلى تلوث الهواء.
وعند تعرض هذه الغازات إلى الرطوبة والأمطار، تتكون الأمطار الحمضية ما يؤدي إلى تلوث المياه والتربة، التي بالتأكيد تصل إلى الحيوان أثناء الرعي وإلى الماء الذي يشربه الناس والبهائم، وإلى المنتوجات الفلاحية، التي تُسقى من المياه الجوفية.
ويؤدي تراكم الرصاص في الجسم إلى تلف خلايا الدماغ وانكماش في أنسجة الكليتين وتلف في الكبد، كما يؤدي إلى نقص في الهيموغلوبين وتسبب في الأنيميا، كما قد يؤدي إلى العقم ويؤثر على الأجنة، وعلى القدرة العقلية للأطفال، لأنه يؤدي إلى التخلف العقلي وصعوبات في التعلم.
أما الزئبق الذي يوجد في البطاريات وأجهزة الهواتف المحمولة والشاشات المسطحة، وهو من العناصر السامة، على الجهاز العصبي، وهو سريع التأثير على كبار السن والأطفال، إذ أن الزئبق المنبعث من النفايات، يتحوّل إلى مركّب غازي يمكن أن يدخل ضمن السلسلة الغذائية المختلفة.