فاس تأبى اندثار الحرف اليدوية في المغرب
يرتبط تاريخ مدينة فاس، منذ القدم، بالأنشطة الحرفية المتعددة التي كانت تشكل أساس نسيجها الاقتصادي، وأسهمت بشكل جلي في إغناء التراث الإنساني بشتى أنواع الفنون التقليدية الأصيلة، التي تشهد عليها المعالم الأثرية والمنجزات المعمارية التي تزخر بها المدينة التي تعد أول مدينة إسلامية في المغرب. وتسعى بلدية فاس للمحافظة على هذا التراث ليكون عنوان هويتها الذي يميزها عن بقية المدن، ما يساهم في جلب السياح الذين يبحثون عن الخصوصية الثقافية والحضرية في الأماكن التي يزورونها.
تعد الحرف التقليدية تركة حضارية تميز المدن عن بعضها البعض، وتشكل هوية تستقطب السياح والزوار وحتى أبناء البلد، ففاس في المملكة المغربية تسجل عراقتها وأصالتها من خلال محافظتها على تراثها وتقاليدها، وأسواق فاس القديمة يقصدها السيّاح من مختلف أنحاء العالم لاقتناء أجمل الأعمال اليدوية التي مازالت منذ المئات من السنين تتوارثها الأجيال المتعاقبة وتحافظ على طابعها المميّز.
وتسعى بلدية فاس لإنجاز مشاريع هيكلة قطاع الصناعة التقليدية استجابة لرغبة حرفيي المدينة في جعل المدينة القديمة وجهة مفضلة للاطلاع على ما تزخر به من مؤهلات حرفية تميزها عن باقي المدن المغربية.
وبلغت أشغال إنجاز المشاريع المهيكلة لقطاع الصناعة التقليدية بفاس مراحل متقدمة، ما من شأنه تعزيز موقع هذه الصناعة في الخارطة السياحية المغربية.
ويتعلق الأمر بالأساس بمشروع عين النقبي، الذي يتوخى نقل أنشطة النحاس الملوثة من ساحة للا يدونة بالمدينة العتيقة إلى الموقع الجديد للحد من التلوث بمدينة فاس، وهو مشروع يقع شمال شرق مدينة فاس، على الضفة اليمنى من وادي الجواهر، والذي يندرج في إطار برنامج “الصناعة التقليدية ومدينة فاس”.
وتسعى البلدية إلى جعل منطقة عين النقبي (شمال شرق المدينة) محضنا للصناعات التقليدية التي أدخلت عليها تحسينات عصرية أو في بعض حلقات إنتاجها، حتى تحافظ المدينة القديمة على هويتها كمركز للصناعات التقليدية اليدوية.
ويقول سعيد السرغيني رئيس مقاطعة “فاس المدينة” إن “الصناعة التقليدية بفاس تشكل هوية المدينة القديمة وجزءا لا يتجزأ منها، لا يمكنه أن يندثر بفضل تضافر جهود مختلف المتدخلين”.
ويضيف “يجري حاليا نقل أنشطة النحاسيات الملوثة من ساحة للا يدونة داخل المدينة إلى منطقة عين النقبي التي توجد خارج أسوار المدينة القديمة”.
وتم إحراز تقدم في أشغال إنجاز قرية الصناعة التقليدية “بنجليق”، المخصصة لاحتضان 197 وحدة لصناعة الفخار والزليج.