نفير أوروبي لمواجهة عودة المقاتلين الأجانب بعد معركة الموصل
27 ألف مقاتل أجنبي سافروا إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم داعش.
مع تضييق الخناق على داعش في العراق وسوريا، يتوقع خبراء عودة من بقي من الجهاديين الأجانب إلى بلادهم، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول مصير جنود داعش العائدين إلى أوروبا وتأثير ذلك عليها. ويتوقع خبراء عودة غالبية الجهاديين الأوروبيين إلى بلادهم بعد خسارة تواجد التنظيم في العراق والحصار الذي تفرضه القوات المدعومة بغطاء جوي أميركي لمدينة الرقة، مركز داعش الرئيسي في سوريا، وهو ما ينذر باحتمالية ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية في أوروبا التي تعاني حاليا من هجمات متتابعة في مدنها الكبرى.
وسافر أكثر من 27 ألف مقاتل أجنبي إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، أكثر من 6 آلاف منهم قدموا من أوروبا. واحتلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا المراتب الأولى من حيث عدد المهاجرين إلى التنظيم بنحو 700 شخص لكل بلد.
وتكشف خطابات داعش المنشورة على تلغرام وتويتر، توجها عنيفا تجاه أوروبا، إذ يحمل مدونون متطرفون الدول الأوروبية الخسائر الذي يتكبدها التنظيم في سوريا والعراق بسبب الحصار والدعم اللوجيستي الذي تقدمه دول مثل فرنسا وبريطانيا.
وقالت دراسة لمركز مكافحة الإرهاب الدنماركي، نشر فيها عدد من حوارات مع أوروبيين عائدين من كنف التنظيم، إن المتشددين العائدين يحملون في طياتهم أفكار تنظيم الدولة الإسلامية العدائية والمتطرفة تجاه أوروبا، والتي تقوم على أن “عزة الإسلام وإقامة الخلافة لن تبنيا إلا على أنقاض الحضارة الغربية”. وتضيف الدراسة أن المجاهدين يُغذون دائما بأفكار معادية للغرب تتلخص في أن كل ما تعاني منه الأمة الإسلامية سببه دسائس ومؤامرات “الغرب الصليبي”، ولا حل لعودة الخلافة الإسلامية الرشيدة إلا بقطع رؤوس “الكفار“.
وترى الدراسة أن “التنظيم يتعامل مع أوروبا على أنها العدو الأقرب والأخطر وأن عداءه تاريخي لم يتوقف منذ الحملات الصليبية في القرون الوسطى”، مشيرة إلى أن “أوروبا تأتي قبل الولايات المتحدة وروسيا والمسلمين الشيعة في درجة الكراهية”.
ويكافح داعش من أجل الإبقاء على أطروحة “دولة الخلافة الإسلامية” التي أعلن عنها أبوبكر البغدادي في 29 يونيو 2014 من أحد أكبر المساجد في مدينة الموصل.
وخسارة تواجد داعش في الشرق الأوسط تعني ضربة قاصمة للفكر الداعشي المتفشي بين المتشددين وتمثل هزة قوية لصورة داعش الذي يحاول تصديرها للمسلمين من أجل جذب وتجنيد شباب للقيام بأعمال إرهابية.
ويشير مراقبون إلى أن التنظيم يبحث في جعبته عن كل الوسائل الممكنة من أجل الإبقاء على تواجده في عقول المتطرفين، وهو ما جعله يدخل في معركة دامية مع الجيش الفلبيني بجزيرة مراوي ويكثف من هجماته الإرهابية في أوروبا والشرق الأوسط.
لمواجهة مع هذا الخطر المحدق، تعمل الدول الأوروبية التي تشارك في العمليات العسكرية ضد داعش في العراق وسوريا، على محاولة تصفية أكبر قدر ممكن من مواطنيها الذين انضموا إلى داعش لقطع طريق العودة عليهم.
وكانت تقارير صحافية كشفت عن وجود فرق فرنسية وإنكليزية تشارك القوات العراقية والسورية في حربها ضد داعش. واعترفت وزيرة الجيوش الفرنسية سيلفي غولار بوجود قوات فرنسية خاصة على الأراضي السورية “تقوم بمهمات محددة”.
ورغم السرية التي تفرضها دول أوروبية عن عملياتها الميدانية ضد التنظيم الإرهابي، لكن كشف المتحدث باسم الحكومة الفرنسي كريستوف كاستانيه في وقت سابق عن عمليات اغتيال تجريها المخابرات الفرنسية ضد الفرنسيين الذين يقاتلون في صفوف داعش في العراق، قائلا “هؤلاء يستحقون مصيرهم”.
وتتجه دول أوروبية أخرى مثل الدنمارك إلى استراتجية مختلفة في مواجهة عودة المتطرفين. وتعتمد التجربة الدنماركية على خطة الاستقطاب عن طريق تشجيع مواطنيها المنضمين إلى داعش على العودة مقابل تقديم حوافز ومميزات مختلفة. وتسعى الحكومة عند عودتهم إلى علاج المتطرفين نفسيا من أجل تحريرهم من الأوهام أو عزلهم عن المجتمع في حالة استمروا في تطرفهم.
ويتميز تنظيم داعش عن سابقيه من الجماعات الإرهابية الآخرى مثل القاعدة في قدرته على اختراق النظم الأمنية الغربية وارتكاب العشرات من العمليات الإرهابية دون توقف. وبحسب دراسات أكاديمية، وصل عدد الضحايا جراء الهجمات الإرهابية في أوروبا بين عامي 2015 و2016 إلى 273 شخصا، وهو ما يساوي عدد ضحايا الأعمال الإرهابية في أوروبا مجتمعة منذ منتصف القرن العشرين وحتى إعلان داعش الخلافة في عام 2014.