هل أجّل المغرب تحرير سعر صرف الدرهم أم تراجع عنه؟
أثار قرار الحكومة المغربية تأجيل الانتقال التدريجي لتحرير سعر صرف الدرهم إلى وقت لاحق، تساؤلات عدة حول سبب هذا التأجيل، فبينما يرجع محللون اقتصاديون هذا القرار إلى الانخفاض الحاد للعملة الصعبة في البنك المركزي، يرى آخرون أنه خطوة في اتجاه التراجع عن القرار بصفة نهائية.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، كشف أمس الخميس بالرباط، عن أن الحكومة قررت تأجيل الانتقال “التدريجي لتحرير سعر صرف الدرهم إلى الوقت المناسب”، مشيرا إلى “أن ذلك يعود للحاجة إلى القيام بدراسات جديدة”، موضحا أن “الإصلاح قائم، حيث كانت هناك جهود ولازالت، كما أن التخوفات مشروعة ومتفهمة”.
وأشار الخلفي، إلى أنه “حينما طالب وزير المالية تأجيل العرض في مجلس الحكومة الماضي، كان طبيعيا أنه لا يمكن أن يقع إنفاد قرار الانتقال تدريجيا لنظام الصرف المرن للدرهم، باعتبار أن المقتضيات القانونية التي تنظم المجال تقوم على أن الانتقال يتم بناء على قرار وزاري تصدره وزارة المالية، كما أن الجوانب التقنية مرتبطة ببنك المغرب الذي عندما يقوم بالتنزيل يتم في تنسيق مع الحكومة”.
وتعليقا على القرار، قال المحلل الاقتصادي عمر الكتاني، إن “تعويم الدرهم في الأصل سياسة غير صحيحة، وذلك راجع إلى أن الاقتصاد المغربي ليست له طاقة لكي يتعرض لصدمات السوق”.
وكشف المحلل الاقتصادي المغربي، في تصريح لـ”عربي21″ أن الدولة وجدت أن خطتها لتعويم الدرهم سيكون لها تداعيات سلبية أكثر من الإيجابية، لذلك فإنها “ستتغاضى عن التعويم باعتباره مغامرة غير محمودة العواقب”، على حد تعبيره.
وأوضح الكتاني أن البديل الأصلح للدولة إن قررت إلغاء تعويم الدرهم، هو أن تنهج “سياسة التقشف” على غرار فرنسا وإسبانيا.
وكشف أن الاقتصاد المغربي يعيش فوق طاقته، فالواردات أكبر بمرتين من الصادرات، مشيرا إلى أن الطاقة الإنتاجية غير متوازنة مع الطاقة الاستهلاكية، مشددا على ضرورة مراجعة سياسة الأجور العليا والصفقات العمومية ذات التكلفة العليا التي يجب مراقبتها.
وحول تحول المغرب للاستثمار في إفريقيا جنوب الصحراء، قال الكتاني إن هذه الاستثمارات “رغم أنها إيجابية، إلا أنها كانت أكبر من طاقتنا ولن تعطي ثمارها إلا بعد سنتين أو أكثر، وبالتالي فهي من بين الأسباب التي أثرت على وضع العملة المغربية التي أصبحت غير مستقرة”.
وأكد الكتاني أن الاقتصاد المغربي ليست لديه القوة الكافية لضمان سيرورة المسار التنموي بالمملكة، لذلك فإن على الحكومة أن تحافظ على ارتباط العملة المغربية بالعملات القوية مثل الأورو والدولار للحفاظ على الاستقرار، عوض أن تدخل مغامرة لا يعلم أحد كيف ستنتهي، خاصة أن الدرهم سيكون خاضعا للسوق في حال تعويمه، وهذا سيكون له أثر سلبي باعتبار أن الاقتصاد المغربي ضعيف، على حد قوله.
وسجل أن الدرهم حاليا بدأت قيمته تتراجع، بعد أن قام العديد من البنوك بتخزين العملة الصعبة؛ إثر قرار البنك المركزي تعويم الدرهم.