مطالب حراك الريف الاجتماعية تراكمت لسنوات في غياب الحلول الفاعلة
تتواصل احتجاجات الريف شمال المغرب بإقليم الحسيمة منذ ثمانية أشهر. وفي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بالتهدئة وانتظار الحلول التنموية، يؤكد المحتجون أنهم لن يوقفوا مسيراتهم السلمية.
التقت رئيس حكومة الشباب الموازية بالمغرب إسماعيل الحمراوي للوقوف عن قرب على أبعاد الأزمة ومقترحات حكومة الشباب لحلها.
رئيس حكومة الشباب الموازية إسماعيل الحمراوي فاعل في المجال الجمعوي – الشبابي من مواليد مايو 1985، ومنخرط في العمل السياسي تحت لواء حزب التقدم والاشتراكية، شغل منصب مستشار وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية.
وتعد حكومة الشباب الموازية في المغرب والتي يترأسها الحمراوي مبادرة مدنية تأسست عام 2012 وتضم 26 عضوا بين شباب وشابات، منهم ناشطون سياسيون وآخرون لا انتماء سياسيا لهم ومن بينهم أعضاء في الحركة الأمازيغية من أغلب مناطق المغرب.
ويقول الحمراوي إن تشكيلة الحكومة تلامس كافة القطاعات، وهي تعمل على صياغة اقتراحات تهم الشباب المغربي وطموحاته وتقدمها للحكومة وتتابع المطالبة بدمجها ضمن البرامج الحكومية.
ويقول رئيس حكومة الشباب الموازية عن حراك الريف في المغرب إنه لا يختلف اثنان في أن هناك أخطاء لم تتم معالجتها في الوقت المناسب، “أقول هنا وبصريح العبارة إن ملف المطالب الاجتماعية كما طرحه الشباب المحتجون لا يقبل الجدال، لأن مطالبهم اجتماعية بحتة وهي تتكلم بلسان حال جل المغاربة الذين يعيشون وضعية هشة، قد لا تكون لدينا كل المعطيات كفاعلين، لكن منطق الأمور يقول إن كل المطالب الاجتماعية شرعية. وبالتالي ينبغي العمل على معالجتها ووضع حد لمنطق التخوين والعمالة وغيرها… فهؤلاء هم شباب المغرب الوطنيون والغيورون على أرض الوطن”. ويضيف “أنا متأكد إن كان بينهم متآمر على الوطن لطرد من الحراك، لأن أهل الريف هم أهل المعقول والمنطق”.
وعن الدور الذي لعبته الأحزاب في حل أزمة الحسيمة، قال الحمراوي إن الوساطة السياسية اليوم أصبحت مفقودة والأحزاب السياسية لا حول لها ولا قوة، لأن هناك من يتحمل المسؤولية في إضعاف تواجدها ودورها حتى من داخل بعض الأحزاب نفسها.
الأزمة ناجمة عن الإخلالات التي خلفتها الحكومات التي تعاقبت على المغرب
ولاحظ أن “ما شاهدناه مؤخرا هو أمر مؤلم، هناك أحزاب تحاول لعب أدوار في الموضوع لكن تبقى غير قادرة لأن أصل الأزمة يتمثل في فقدان الثقة من لدن شباب الحراك. هذا ما يؤكد الحاجة الملحة إلى إعادة الاعتبار للعمل السياسي وتمكين الأحزاب من وسائل العمل بكل استقلالية وجعلها تلعب أدوارها الدستورية كما يجب، وهو أمر مطروح أيضا على بعض الأحزاب التي ينبغي أن تعي بأننا اليوم نعيش في فضاء اجتماعي منفتح، أصبح يفهم ما يحاك سياسيا، وبلغة أخرى يجب أن يحترم الجميع ذكاء المواطنين المغاربة”.
وبالنسبة إلى ردة فعل الحكومة في مجابهة الاحتجاجات وكيفية تعاطيها معها يؤكد الحمراوي أن صلب الموضوع ليس في ما تقوم به الحكومة، بل إن الأزمة ناجمة عن الإخلالات التي خلفتها الحكومات التي تعاقبت على المغرب. ولا شك أن لحكومة الشباب المغربي مقترحات حلول للخروج من أزمة الاحتجاجات التي طالت مدتها يستهلها الحمراوي بمناشدة العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتدخل لإصدار قرار عفوه لإطلاق سراح معتقلي حراك الحسيمة، مشيرا إلى أنهم “في الأول والأخير أبناء هذا الوطن أخرجتهم غيرتهم عليه إلى الشوارع. وسقف مطالبهم كان محددا في الملف الاجتماعي”. وأكد رئيس حكومة الشباب أنه “يجب الاستمرار في التفاعل الإيجابي مع المطالب الشعبية الاجتماعية المشروعة، ليس فقط في الحسيمة، بل في مختلف المناطق المغربية التي تعاني التهميش والهشاشة الاجتماعية والاقتصادية”. وبحسب الحمراوي فإن هناك عناصر جوهرية يجب أن تتوفر للخروج من الأزمة الحالية منها:
◄ استحضار حسن النية في التعاطي مع المطالب الاجتماعية والتفاعل معها بسياسة الإرادة، منوها بالعودة إلى خطاب الملك محمد السادس في 9 مارس 2011 عندما أعلن عن حزمة من الإجراءات استجابة لمطالب حركة 20 فبراير ومنها تعديل دستور 1996.
◄ إعادة الاعتبار للحياة السياسية عبر تقوية مؤسسات الوساطة، والتي لا يمكنها أن تتحقق إلا بوجود أحزاب قوية ومستقلة وقادرة على تمثيل المواطنين “فنحن نلاحظ أن مؤسسات الوساطة انهارت مع حراك الحسيمة وأيضا باقي مناطق المملكة، وهو أمر محزن”، وتساءل “من يتحمل المسؤولية في ذلك؟”.
◄ دعم الوازع الأخلاقي في الحياة العامة بالعمل على محاربة الرشوة ومقاومة الفساد والتعسف الإداري وربط المسؤولية بالمحاسبة وإعطاء إشارات قوية من شأنها ردع كل ما يسيء لموقع المسؤولية.
◄ تطهير المجال الاقتصادي من كل الشبهات، وإتاحة الفرص الاستثمارية للشباب، عبر قوانين دعم تساهم في فتح المجال أمامهم وتتيح لهم أجواء المنافسة الشريفة والنزيهة لضمان منطق المساواة، و”لا يعقل أن تستحوذ شركات بعينها على طلبات العروض في حين أن شركات صغيرة ومتوسطة تحاول مرات عديدة لكن ينتهي بها الأمر إلى الإفلاس”.
◄ مصارحة مؤسسة الملك بأن وراء كل المشاريع الكبرى التي تدشنها هناك فساد، هناك ريع، هناك أناس يخونون الوطن!، لذلك وجب الحرص ثم الحرص على حسن الاختيار.
◄ الاعتماد على مقاربات وقائية وعلاجية بخلاف المقاربات الزجرية التي تثير ردود أفعال متباينة لا تسهم في إيجاد حلول للظواهر الاجتماعية، بل تزيد من تعقيد الوضع وتأخير الحلول.
◄ تصحيح الوضع التنموي عبر إطلاق مبادرات محلية تنسيقية بغية إدماج جل الفاعلين في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما سيسهم، دون شك، في ضمان جودة السياسات العمومية.
◄ دمقرطة الفعل الانتخابي والسياسي وإعادة النظر في نمط الاقتراع من أجل إتاحة الفرصة لجل التعبيرات السياسية.
◄ الابتعاد عن لغة التخوين التي أصبحت تلاحق كل فاعل اختلف معنا، هذا الوضع سكن كل المؤسسات حتى الحزبية منها.
◄ الارتقاء بمستوى الخطاب السياسي ودمقرطة المشهد الإعلامي.