مبادرات لمحاربة الإسلاموفوبيا في أوروبا
تزايدت ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب، خاصة بعد الهجمات التي وقعت مؤخرا في بعض الدول الأوروبية كبلجيكا وفرنسا وبريطانيا، وأضحت هذه الظاهرة عائقا كبيرا أمام تعايش الجاليات الإسلامية مع مجتمعات الاغتراب واندماجها فيها.
وأدى التركيز الإعلامي الضخم على هذه الأحداث الدموية وربطها بالإسلام، واستغلال تيارات اليمين السياسي المتطرف هذا الربط؛ إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين في قطاعات من المجتمعات الغربية، لذلك ظهرت مبادرات شعبية ومدنية تسعى إلى تصحيح هذه الأفكار السلبية في تلك المجتمعات، خاصة بين أوساط الشباب والناشئة.
ومن بين تلك المبادرات تبرز ورشات العمل التي تنظمها بالمدارس الإسبانية “مؤسسة الفنار للمعارف العربية”، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 2012 ومقرها مدريد، ولديها ممثلون في الرباط والقاهرة وعمّان، وتهدف إلى تقريب الواقع العربي من جميع جوانبه إلى محيط الناطقين بالإسبانية بشكل خاص والغرب بشكل عام.
وارتأت “الفنار” أن مكافحة تنامي هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية لا تتأتى إلا من خلال التعريف بالإسلام، خاصة في أوساط أجيال الشباب لأنهم عماد المستقبل، فقامت بتنفيذ ورش عمل ببعض المدارس الإسبانية تهدف إلى مكافحة هذه الأفكار السيئة عن الإسلام في عقول الشباب الغربي من خلال هذا العمل التعليمي والتنويري.
قصة خيالية
وتنطلق المبادرة من قصة مصورة خيالية رسمها تلاميذ إحدى المدارس الثانوية بإقليم كتالونيا الإسباني تروي حكاية نورا، التلميذة المسلمة التي تتعرض لمعاناة ومضايقات يومية، فقط لأنها ترتدي حجابا، وتساعد هذه المادة السردية تلاميذ المدارس الإسبانية على الاقتراب من عواقب خطاب الكراهية ودوره في تنامي الأعمال العدائية ضد المسلمين بشكل عام.
وتستخدم هذه الرواية مدخلا إلى ورشة العمل، وأداة تربوية ضمن برنامج تدريبي يهدف إلى مكافحة كراهية الإسلام بين الطلاب غير المسلمين والتطرف بين الطلاب المسلمين.
وقالت زهور دالو، وهي واحدة من المسؤولين بمؤسسة “الفنار” عن تنفيذ المبادرة، في تصريحاتها للجزيرة نت إن أهم أهدافها تحسين مبدأ الحوار بين الثقافات المتنوعة عبر المشاركة الفعالة للشبان والشابات المسلمين في البيئة المحيطة بهم والمجتمع الذي يعيشون فيه لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم، وأضافت “نريد أن نشرح أهمية الثراء الثقافي الذي تقدمه الهجرة والاعتراف بقيمة التنوع والحق في المساواة بين مكونات المجتمع على اختلافها”.
وأوضحت دالو أن الشباب يفهمون أهمية تفكيك وجهات النظر الفردية والمجتمعية السلبية عن طريق السؤال عن هويتهم الكلاسيكية، وأهمية الحوار بين الهويات الثقافية، ويفهمون العلاقة بين الخوف والعنف الذي يتولد عنه، ونتائج خطاب الكراهية واستبعاد الآخر، وضرورة بذل كل واحد منهم جهده من أجل بناء مجتمع غير عنصري والدفاع عن حقوق الإنسان.
وأكدت دالو أهمية هذا المشروع التعليمي الهادف إلى القضاء على الصورة النمطية السلبية حول الإسلام بشكل عام ودور المرأة في المجتمع بشكل خاص، الذي يسعى لتحقيق هذا الهدف عبر تفعيل الحوارات وتنمية المهارات لمحاربة فكرة “إلغاء الآخر” وتعريف الشبان المسلمين بقيمة جذورهم الثقافية لمساعدتهم على الاندماج في البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها بأوروبا.
استحسان
ولقي هذا البرنامج استحسانا لدى الطلاب الإسبان الذين شاركوا فيه، إذ قالت الطالبة أندريا فياكانياس للجزيرة نت إن هذه الورشة ساعدتها على معرفة المزيد عن الديانة الإسلامية ومعتنقيها واحترام معتقداتهم وأهمية وثراء التنوع في المجتمع.
وأضافت الطالبة الإسبانية “لدي أصدقاء وزملاء عرب يمارسون شعائر هذه الديانة، والآن لدي معرفة أكبر بأسلوب حياتهم، وبفضل هذه الورشة أصبحت على علم بموضوع كنت أعتقد سابقا بأنه ليس مهما بالنسبة لي، ولكن هذه الدورات تساعدك على فتح آفاق الذهن وتجعل العنصريين يفهمون خطأ سلوكهم وأنه يجب احترام الآخرين ومعتقداتهم”.