الفردوس الموعود في أوروبا أكذوبة
وكالة تعزز حماية الحدود الأوروبية ‘فورنتكس’ قدراتها في محاولة للحد من تجارة تهريب المهاجرين إلى أوروبا.
غيّر المهاجرون الذين يتدفقون إلى أوروبا طرق وصولهم إلى القارة، حيث تم إغلاق طريق المرور عبر تركيا واليونان تقريبا، ورغم ذلك فإن أعدادا كبيرة تغامر بأرواحها لكي تعبر البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا.
وازدهرت تجارة تهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، في حين عززت وكالة حماية الحدود الأوروبية “فورنتكس” قدراتها في محاولة للحد من تدفق المهاجرين.
والحقيقة أن فورنتكس هي بمثابة شرطة جيدة وشرطة شريرة في وقت واحد، فمن ناحية تعمل عناصر وكالة فورنتكس على إنقاذ المهاجرين الذين تتعرض قواربهم للغرق في البحر المتوسط، لكنها في الوقت نفسه ترسل بهم إلى مراكز الاستقبال والاحتجاز حيث يواجهون خطر إعادتهم إلى بلادهم.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس استعرض فابريس ليجيري، رئيس وكالة حماية الحدود الأوروبية فورنتكس، موقف المنظمة من الهجرة الغير شرعية إلى أوروبا.
وهؤلاء في الغالب مهاجرون اقتصاديون أي يسعون إلى تحسين مستوى معيشتهم والكثيرون منهم شباب، لكن هناك أيضا أسر كاملة وشابات. ويتم استغلال النساء النيجيريات في أوروبا في أعمال الدعارة.
ويقول ليجيري إن “هؤلاء المهاجرين ليسوا الأفقر في بلادهم لأنهم يملكون المال الذي يدفعونه للمهربين الذين يساعدونهم في الوصول إلى أوروبا”.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإنه من بين أكثر من مليون شخص وصلوا إلى أوروبا عام 2015، هناك 850 ألف شخص جاؤوا من اليونان عبر بحر إيجة، وأكثر من نصف هؤلاء سوريون، وأغلب الباقين أفغان وعراقيون.
ومع توصل الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى اتفاق بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر الأراضي التركية في مارس 2016، انخفض عدد الأفراد الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر إلى 363 ألف مهاجر في تلك السنة.
وبحسب “فورنتكس” فإنه بحلول منتصف أبريل الماضي كان قد وصل إلى إيطاليا حوالي 36 ألف مهاجر منذ بداية العام الحالي، أي بزيادة نسبتها 43 بالمئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وفي الوقت نفسه تتولى شبكات إجرامية إدارة عمليات نقل المهاجرين عبر البحر المتوسط، سواء كانت شبكات كبيرة أو صغيرة بالإضافة إلى المهربين المنفردين. وفي أسفل سلم الشبكة الإجرامية يوجد صغار المحتالين والذين قد يكونون هم أنفسهم من المهاجرين والذين يتولون قيادة قارب الهجرة الصغير لسداد تكلفة رحلتهم، بحسب ليجيري.
وتتولى عصابات إجرامية وطنية تنظيم رحلات الهجرة غير المشروعة. ويقول ليجيري “إن تكلفة هذه الرحلة قد تصل إلى 3000 دولار للفرد الواحد بدءا من القرن الإفريقي وحتى الأراضي الإيطالية”.
ولمعالجة إشكالية الهجرة غير الشرعية يلفت ليجيري إلى أن “الوكالة أصبحت لديها اليوم القدرة على نشر ما بين 1300 و1400 فرد من حرس الحدود في وقت واحد في عدة مناطق عمليات”.
وفي عام 2016 أنشأت أوروبا قوة تدخل سريع تضم 1500 فرد من حرس الحدود والذي يمكن نشرهم خلال خمسة أيام عمل إذا دعت الحاجة. وفي الوقت نفسه تعمل فرونتكس على وقف تدفق المهاجرين من المنابع وقبل الوصول إلى البحر المتوسط. وقد افتتحت الوكالة مؤخرا مكتبا لها في نيامي لتعزيز التعاون مع السلطات في النيجر.
ومن المفارقة أن الجهود الأوروبية لوقف الهجرة البحرية وعمليات إنقاذ المهاجرين الذين تتعرض قواربهم للغرق أصبحت أمرا مشجعا للمهاجرين ومفيدا للمهربين، حيث يشحنون قواربهم المتهالكة بأعداد كبيرة من المهاجرين ويدفعون بها إلى البحر وهم على ثقة بأنه بمجرد مغادرة القوارب المياه الليبية ستجد الرعاية من قوات حرس السواحل الأوروبية.
وأوضح ليجيري أن “البحر المتوسط لم يشهد كل هذا العدد من قوارب الدورية الذي شهده عام 2016، ولسوء الحظ فإن العام نفسه شهد سقوط أكبر عدد من ضحايا الهجرة غير الشرعية، حيث تشير التقديرات إلى غرق حوالي 4000 مهاجر بحسب المنظمة الدولية للهجرة”.
ووجه ليجيري رسالة إلى أي دولة فيها مهاجرون محتملون مفادها أن الفردوس الموعود في أوروبا أكذوبة، مضيفا “سواء غرقت في البحر المتوسط أو وصلت إلى أوروبا في ظل ظروف بالغة القسوة، فإن أوروبا ليست أرض الأحلام التي يصفها المهربون للمهاجرين”.
وقال ليجيري إن الاتحاد الأوروبي يعزز سياسة إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم، ولذلك فإن هؤلاء المهاجرين سيخسرون أموالهم التي دفعوها للمهربين دون طائل في نهاية المطاف.
ويشير ليجيري إلى أن “الاضطرابات الجيوسياسية مثل الصراع في سوريا والفوضى في ليبيا والعراق، ستظل سببا لتدفق طالبي اللجوء على أوروبا. وسيظل يتدفق المهاجرون الآخرون هربا من الفقر أو التمييز ضدهم في بلادهم”.