المهاجرون يحولون الجنوب الفرنسي إلى حي مغربي في رمضان
المهاجرون يحولون الجنوب الفرنسي إلى حي مغربي في رمضان
لتخفيف وطأة الغربة، يسعى المهاجرون المغاربة في الجنوب الفرنسي لخلق أجواء رمضانية مماثلة، ولو نسبيا، لموطنهم الأصل، بدءا من إعداد الأطعمة، وليس انتهاء بتجمعاتهم لأداء صلاة التراويح.
مع حلول شهر رمضان، يمكن أن تلحظ التغيّر في حركة الجاليات المسلمة ومن بينها المغربية، في المساجد والأسواق التي يقبلون عليها بكثافة، مقارنة ببقية أشهر العام في الجنوب الفرنسي.
ويستبق المغاربة غرة رمضان بتطوع كثيرين في لجان تتولى تنظيف المساجد، التي تعود إدارتها لجاليتهم، وتشبه إلى حد ما مثيلاتها في المغرب.
وإن كان رفع الأذان عبر مكبرات الصوت غير مسموح به في فرنسا، إلا أنه يمكنك سماع ترتيل القرآن في صلاة التراويح من جنبات المساجد.
وبعد الإفطار، عادة ما تزدحم المساجد بالمصلين، ومثل كل المدن المغربية لا يتردد الناس، هنا، في التنقل بين الأحياء بحثا عن مقرئ جيد وصوت حسن.
ولأن المساجد على التراب الفرنسي تعتمد في الأصل على التبرعات، ولا تحظى بدعم من الدولة، يزداد عدد المتبرعين في شهر رمضان، الذي يتسابق فيه المسلمون، وفقا لتعاليم دينهم، إلى التصدّق وفعل الخيرات.
وفي مسجد “ميو”، على بعد 50 كلم من مدينة مونبولييه، كانت المفارقة أن أول المتبرعين تاجر فرنسي غير مسلم؛ زود المسجد بمواد البناء اللازمة للقيام بإصلاحات فيه، حسب ما قال إدريس المودني عضو المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في واحدة من خطبه.
وفي مدرسة خاصة بتدريس اللغة العربية والدين الإسلامي، بمدينة لونيل في الجنوب الفرنسي، تجد العشرات من الأساتذة المتطوعين لتدريس 350 تلميذا وتلميذة أكثر حماسة، خلال هذا الشهر.
وقال الحسين المرضي إنه لا يتردد في قطع مسافة تزيد عن 30 كلم يومي السبت والأحد، اللذين يوافقان العطلة الأسبوعية، لنقل أبنائه لتلقي دروسهم.
ويحفظ الكثير من التلاميذ في المدرسة أجزاء من القرآن الكريم، حيث يشرف على تحفيظهم حفاظ مغاربة أغلبهم متطوعون، تحت إشراف إمام المسجد، الذي يتولى أيضا إدارة المدرسة.
والملاحظ في الجنوب الفرنسي أيضا أن بعض الدوائر التجارية المعروفة بأكثرية مسلمة تأخذ صبغة رمضانية، مثل تلك الواقعة في حي “لازيب” ذي الأغلبية العربية، بمدينة نيم.
وفي هذا الحي، قد لا تختلف كثيرا الحركة داخل المحلات التجارية عن غيرها من محلات الرباط وفاس والدار البيضاء.
وفي العادة لا تفتح المحلات أبوابها إلا بعد صلاة الظهر، لتزدحم أكثر بعد صلاة العصر بالزبائن الذين يقصدون الحلويات والفطائر المغربية، لا سيما من متاجر متخصصة في بيع “الملوي” و”الحرشة”، وهما من أكثر الفطائر المغربية شعبية.
ويقول جواد الأبيض، أحد المشرفين على محل لبيع الحلويات الرمضانية، “نحاول هنا توفير مختلف الأصناف التي يحرص الصائمون، وفق عاداتهم، على أن تكون على مائدة الإفطار”. وأضاف أن محله ينتج “حلويات مغربية وجزائرية وشامية؛ أهمها الشباكية والزلابية وقلب اللوز والبقلاوة والقطايف، المطلوبة بشدة من قبل المهاجرين العرب”.
عموما، يجتهد المهاجرون في تعويض أجواء رمضان المغربية، لكن تتفاوت التقديرات والحنين إلى الوطن. وبعيدا عن الجنوب الفرنسي، يقول مهاجرون مغاربة إن الأنشطة الرمضانية أكثر حيوية في العاصمة باريس وفي المدن الكبرى.