الإهانة

الاعتذار بين الزوجين لا يعقد الأمور ولا يخلق الحواجز بينهما واعتذار أحد الشريكين للآخر، حتى وإن لم يكن على خطأ يجعل الآخر يدرك أخطاءه ويكفر عنها.

لا أحد يقبل لشخصه الإهانة، ولكن من المؤسف أن الكثيرين يبرعون في ممارستها على غيرهم، ويجدون مبررات لإباحتها في أقوالهم وأفعالهم، حتى وإن كانت مخلفاتها في الغالب أقبح من الذنب الذي ارتكبه من وجهوا إليه الإهانة.

وفي مجتمعنا المغربي عوّض الكثير من الأزواج “المودة والرحمة” في التعاطي مع زوجاتهم بأبشع أشكال العنف، فأغلبهم لا يتورع عن إهانة وشتم ونعت زوجته بأبشع النعوت، وقد يكون الدافع إلى ذلك في غالب الأحيان تافها.

لا أنكر أن هناك زوجات أيضا متطلبات جدا وبارعات في تنكيد عيش أزواجهن ويسعين باستمرار إلى خلق المشاكل، ولكن مهما يكن الأمر، فالعنف لا مبرر لممارسته مهما كانت دوافعه، وكما يقول المهاتما غاندي “الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء”.

ولكن من المؤسف أن التسلط على المرأة وإهانتها والنيل من كرامتها من السلوكيات المتجذرة في عقلية الرجل المغربي، فمهما كان مستواه العلمي ومركزه الاجتماعي، تظل في فكره شوائب من الثقافة الذكورية، التي تجعله يتعامل مع المرأة داخل الأسرة، على أنها ناقصة عقل وأقل شأنا منه، فيقابل انتقاداتها لأخطائه بأسلوب يشعرها بالمهانة والإذلال.

لا يحاول إفهامها حقيقة موقفه ويقنعها بوجهة نظره، بأسلوب ودي خال من التشنج، بل تكون سلاطة اللسان واستعراض العضلات أقرب طريق لإنهاء المشكلة، من دون أن يخسر جولات المعركة، حتى وإن كان هو على خطأ وهي على صواب.

من الصعب على الرجل المغربي  أن يتقبل حقيقة أنه على خطأ، لأنه تربى على أنه ذكر وما يفعله دائما هو عين الصواب، وقد بات ذلك الأمر جزءا من شخصيته، حتى أنه يشعر أن زوجته تهاجمه إذا قالت له “أنت مخطئ”.

وهناك سمة أخرى من سمات الرجل المغربي، أنه لا يكلف نفسه الاعتذار لزوجته، حتى وإن اكتشف أنه مخطئ، فكلمة “آسف” من أكثر الكلمات صعوبة في النطق بالنسبة إليه، على الرغم من كونها الأسرع والأسهل والأكثر فعالية في حل أي نزاع.

أعتقد أن الاعتذار بين الزوجين لا يعقد الأمور ولا يخلق الحواجز بينهما واعتذار أحد الشريكين للآخر، حتى وإن لم يكن على خطأ يجعل الآخر يدرك أخطاءه ويكفر عنها.

ولكن أحيانا، لا يكفي مجرد الاعتذار لجبر الضرر النفسي الذي يمكن أن تسببه الإهانات، وخاصة عندما يمارسها علينا أقرب الناس إلينا، فالشعور بالإهانة ليس من السهل تجاوزه، لأن الكلمات الجارحة تؤثر على العقل الباطني، وتجعل من الصعب على ذاكرتنا نسيان ذلك الموقف.

صحيح أن الخلافات بين الزوجين جزء طبيعي من الحياة الأسرية، سيما بعد مرور أعوام من الزواج، وبداية الطرفين باكتشاف بعضهما من دون ستار الهرمونات، الذي يجعلهما لا ينظران بعقلانية إلى العديد من الأمور في علاقتهما قبل الزواج، ولكن الأمر غير المبرر هو اللجوء لأساليب العنف والتجريح أثناء نشوب بعض الخلافات، فمثل هذه الأساليب لها تأثير مُدمر على المعنويات سواء بدر ذلك من المرأة أو الرجل.

ربما تتخذ البعض من النساء مواقف تنم عن رقي أخلاقي، ويدفعهن إحساسهن بالالتزام تجاه أزواجهن، إلى محاولة تجاوز آذاهم الجسدي والنفسي وقلب صفحة الماضي، إلا أن بداخلهن سيظل هنالك شعور قوي بالألم، يتغلب على كل الأحاسيس الجميلة التي ربطتهن بشركائهن.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: