كاتب إيطالي في القرن 18، المغاربة يتحدثون عن الريف كأنها بلاد بعيدة عنهم
بالرغم من مرور حوالي قرن ونصف عن زيارة الكاتب الإيطالي الشهير “إيدموندو دي اميتشيس” للمغرب إلا أن بعض ما جاء من وصف للمغاربة في تلك الفترة ما يزال ينطبق على مغاربة اليوم خاصة فيما يتعلق بنظرة المغاربة إلى أهل الريف أو الريافة، حيث قال دي أميتشيس أن “سكان المناطق المجاورة لبلاد الريف تتحدث عنها كأنها بلاد بعيدة عنها”
ويعتبر كتاب “المغرب” (ماروكو) للكاتب الإيطالي إيدموندو دي أميتشيس (أو أميسيس حسب المراجع العربية) أحد أهم المراجع لدراسة تاريخ المغرب في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وذلك لما احتواه من معلومات ووصف دقيق للبلاد التي كانت تسيل لعاب القوى الإستعمارية في تلك الفترة.
وكتاب “ماروكو” في حقيقته عبارة عن تقرير لزيارة رسمية يقوم بها أول وفد رسمي إيطالي بعد توحيد إيطاليا سنة 1861، حيث رافق صاحب الكتاب الوفد الرسمي أو ما كان يطلق عليه آنذك السفارة المكونة من شخصيات سياسية وعسكرية في زيارة رسمية إلى المغرب في ربيع 1875 حيث حضيت السفارة باستقبال رسمي من قبل السلطان الحسن الأول بفاس.
ومباشرة بعد عودة الوفد الرسمي الإيطالي والذي أسفرت زيارته عن عقد اتفاقيات عسكرية وتجارية مهمة تحدثت عليها العديد من المصادر التاريخية قام دي أميتشيس الذي يعتبر أحد أهم الأدباء الإيطاليين في القرن 18 (توفي سنة 1908) بإصدار كتاب “المغرب” سنة 1876 تضمن وصفا أدبيا دقيقا لمهمة السفارة منذ ساعة نزولها بطنجة قادمة عن طريق البحر من إسبانيا وجميع المناطق المغربية التي مرت بها في أثناء تنقلها إلى فاس للقاء السلطان.
ومن بين الظواهر التي استرعت انتباه ذات الكاتب الإيطالي وأفرد لها فقرة في كتابه تواجد “الريافة” أو سكان بلاد الريف الذين كانوا يفدون على مدينة طنجة أثناء مقامه بها، فبعد ذكره لتواجد هؤلاء الأشخاص الذي قال عنهم أنهم أثاروا انتباهه منذ اللحظات الاولى لتواجده بطنجة ووصفهم بأنهم “يتميزون بسحناتهم البيضاء، والشر المتطاير من أعينهم” و أن “سكان باقي البلاد المجاورة يتحدثون عن بلاد الريف بغموض كبير كأنها بلاد بعيدة يصعب الوصول إليها” وبعد ان ذكر بالمنطقة الجغرافية التي يقطنون بها والتي تمتد من تطوان إلى الحدود الجزائرية وانهم من عرق امازيغي قال إنهم “متمردون دائمون، لايعترفون بقايد أو قاضي” و أنه “لم يستطع أي جيش سلطاني أو اجنبي أن يقتحم حصونهم”، وكل من سبق أن دخل بلاد الريف كان تحت رعاية الشيوخ والأولياء.
وعن عادات أهل الريف التي دونها دي أميتشيس في كتابه قال أنهم يلبسون جلابيب تميل إلى السواد مختلطة احيانا مع بعض الألوان المزركشة بينما يتم لف الرؤوس ب”عمامات” حمراء، و يتحركون في جماعات متأبطين أسلحتهم ويتحدثون بأصوات منخفضة وإذا مر غريب بالقرب منهم يتوقفون عن الحديث ويرمونه بنظرات ثاقبة تصيب بالرعب.