المتحدث باسم الحكومة المغربية يعتبر أن النزاع حول إقليم الصحراء أصبح نزاعا إقليميا وجب على الجزائر وموريتانيا تحمل مسؤوليتهما في التفاوض.
لا مجال بعد الآن لسياسة التجاهل
اعتبر المتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي أن النزاع حول الصحراء إقليمي، ولا يقتصر على المغرب وجبهة البوليساريو، محمّلا الجزائر وموريتانيا مسؤولية المساهمة في التفاوض حول الحل السياسي لهذا النزاع.
وقال الخلفي، الذي يشغل أيضا منصب وزير العلاقات مع البرلمان في المغرب، خلال مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة المغربية الرباط، إن “موقع المغرب فيما يتعلق بالقضية الوطنية (إقليم الصحراء) هجومي تقدّمي ومبادر في إطار سياسة حزم يقودها الملك” محمد السادس.
وأضاف أن “التطورات الأخيرة المتعلقة بهذه القضية تكمن في ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي وفي أحدث تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، نهاية أبريل الماضي، من أنه ينبغي على كل من الجزائر وموريتانيا المساهمة في التفاوض حول الحل السياسي للنزاع”.
وقال الخلفي “إننا لم نعد حيال نزاع ثنائي كما كان يسوق خصوم الوحدة الترابية للمغرب، بل أصبحنا أمام نزاع إقليمي يحمّل مسؤوليات للأطراف الأخرى”.
ووفق الوزير المغربي، فإن بلاده تعتمد “سياسة حازمة قائمة على الردّ على كل من يمس بها”، مشددا على أنه “لا مجال بعد الآن لسياسة التجاهل”.
وتابع أنّ “سياسة الحزم أعطت ثمارها، وسنواصلها بقيادة الملك، ولهذا تم حشد الحكومة وجميع القوى الوطنية لهذا الغرض، وأي استفزاز سنتصدى له”.
ولفت إلى أن “مسار سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية مستمر”، التي أعلنتها البوليساريو من جانب واحد في 1976.
كما ذكر أن عدد الدول المعترفة بالجمهورية المذكورة كانت تتعدى الـ80، غير أنها الآن لا تتجاوز الـ39، بينها 18 من البلدان الأفريقية، و17 من أميركا اللاتينية، واثنتان من آسيا.
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى بالإجماع، الشهر الماضي، قرارا بتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة بالصحراء المغربية مينورسو لمدة عام حتى أبريل 2018.
وجدّد مجلس الأمن التأكيد على الحاجة للاحترام التام للاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها مع البعثة بشأن وقف إطلاق النار، ودعا الأطراف إلى الامتثال الكامل لتلك الاتفاقات.
وأعرب المغرب عن ارتياحه لقرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية الذي اعتمد بالإجماع، مشيرا إلى أنه سيراقب من كثب انسحاب عناصر البوليساريو من منطقة موضع نزاع.
واعتبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطا أن “مبادرة الحكم الذاتي يتعزز جانبها مرة أخرى”، مشيرا إلى “البعد الإقليمي” للنزاع و”مسؤولية بلدان الجوار وخصوصا الجزائر” التي تدعم البوليساريو.
وعلّق بوريطا على انسحاب عناصر البوليساريو من منطقة الكركرات التي تبلغ مساحتها بضعة كيلومترات مربعة وتقع قرب الحدود الموريتانية. وكانت هذه المسألة زادت التوتر بين طرفي النزاع في الأشهر الأخيرة.
وأضاف الوزير المغربي إن البوليساريو “أجبرت على الخروج مطأطأة الراس من الكركرات تحت ضغط مجلس الأمن ولتفادي إدانة حازمة جدا”.
وتابع “هذا يعزز جانب المغرب في موقفه بشأن وضع المنطقة العازلة التي يجب أن تكون خالية من كل وجود عسكري مع حركة مرور بلا اضطرابات واحترام وقف إطلاق النار”.
وأكد بوريطا أن “المغرب سيستمر في مراقبة الوضع ميدانيا من كثب”، مضيفا “أن انسحاب البوليساريو يجب أن يكون كاملا وبلا شروط ودائما”.
ويرى الخبير المغربي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية الشرقاوي الروداني، أن قرار مجلس الأمن شدد على تجاوز المقاربة الكلاسيكية لتقرير المصير وهي عبارة برغماتية، ما يؤكد على فهم عميق للمشكل وهو ما سيكون له تأثير كبير في الإقرار بالحل السياسي المتفاوض عليه مع جميع الأطراف المعنية ومن بينها الجزائر.
وجدد القرار التأكيد على المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء، واصفا إياها بـ”الجدية” و”ذات المصداقية” وبالجهود التي يبذلها المغرب للمضي قدما في عملية تسوية نزاع الصحراء.
وتعتزم بعثة مينورسو المحافظة على وضعها في القطاع العازل منذ شتنبر عام 2016، كما ستجري المزيد من المحادثات مع الأطراف بشأن عمل البعثة المستقبلي في المراقبة بالمنطقة والقضايا المختلفة المرتبطة بالقطاع العازل.
واعتبر ملاحظون أن المغرب نجح دبلوماسيا وسياسيا في تأطير النقاش داخل مجلس الأمن حتى لا يخرج عن الواقع الذي أرادت البوليساريو صنعه بعدم انسحابها المنطقة العازلة وما يشكله وجودها هناك من مخاطر على المنطقة ككل.
وبدأت قضية إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني به، ليتحول النزاع بين المغرب والبوليساريو إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، حيث توقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية منظمة الأمم المتحدة.
وتعرض الرباط، حكما ذاتيا موسعا على سكان الإقليم، فيما تصر جبهة البوليساريو، بدعم من الجارة الجزائر، على إجراء استفتاء، بإشراف الأمم المتحدة، لتحديد مصير الإقليم.