نتائج معركة الكركرات قاعدة لتحرك مغربي أقوى

تكامل خطط التحرك الرسمي والموازي على المستوى الدبلوماسي ليس مطلوبا لدواع دبلوماسية في بعدها الخارجي فحسب، وإنما هو مطلوب أيضا لحيويته في تمتين الجبهة الداخلية للبلاد.

 

ربح المغرب معركة مجلس الأمن الدولي حول المنطقة العازلة، وخاصة حول الكركرات التي سبق له أن انسحب منها من جانب واحد تلبية لنداء الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة. فقد أدى تعنّت الانفصالية بإيعاز من مشغليها في قصر المرادية وما جاوره في الجزائر إلى اضطرارها للانسحاب، على عجل، تحت طائلة تهديد مجلس الأمن الدولي لها، ما لم تنفذ الانسحاب كما جاء في مشروع القرار الذي عرض على مجلس الأمن الدولي.

وإذا أدّى انسحاب جبهة البوليساريو الاضطراري هذا مخافة الدخول في مواجهة مفتوحة مع الأمم المتحدة، ومع مجلس الأمن الدولي بالذات، إلى سحب التهديد من القرار النهائي الذي تم التصويت عليه بالإجماع، فإن هذه السابقة السلبية ستلاحق الدبلوماسية الجزائرية مستقبلا، وستفرض عليها التفكير ألف مرة قبل بلورة املاءاتها على وكلائها الانفصاليين.

غير أن هذه المعركة ليست نهاية المطاف، وإنما ينبغي تحويلها إلى قاعدة للتحرك الدبلوماسي المغربي على المستويين الرسمي والشعبي معا، وهو ما ليس ممكنا دون استخلاص دروس هذه المعركة الدبلوماسية التي أدارها المغرب بحكمة ملفتة للأنظار رغم كل الجهود التي بذلها ومازال يبذلها خصوم الوحدة الترابية ومن يغذّون النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية بهدف فرض أمر واقع تواجد الميليشيات الانفصالية المسلحة في منطقة الكركرات، والاستيلاء على نقطة الحدود المغربية الموريتانية الدولية في مسعى واضح وإستراتيجية تمت بلورتها منذ أمد بعيد إلى تطويق المغرب وعزله عن عمقه الأفريقي.

وليس هناك أدنى شك في أنّ الدولة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، مدركة لطبيعة المرحلة وما تقتضيه من سياسات وتحركات دبلوماسية نوعية، كما دلت على ذلك إعادة الارتباط العضوي بمؤسسات القارة الأفريقية، وفِي مقدمتها الاتحاد الأفريقي، وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا. وهذا الوضوح هو الذي سيؤثر في كل تحركاتها تجاه مختلف الدول والمجموعات والتكتلات الإقليمية والدولية.

إلا أن مسألة التحرك بالنسبة إلى ما يعتبر الدبلوماسية الموازية تظل قضية تحتاج إلى تأسيس حقيقي. ولعل بلورة وإعادة تجديد هذه الدبلوماسية يتطلب الوضوح والحسم في البعض من القضايا الأساسية، وخاصة بالنسبة إلى الأحزاب السياسية التي تربطها علاقات سياسية أو صداقة مع مختلف الأحزاب والمجموعات الإقليمية والدولية، سواء كانت أحزابا معارضة أم في مواقع السلطة في مختلف البلدان.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: