الجزائريون لا يأملون شيئا من الانتخابات التشريعية
رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لجذب الناخبين في الانتخابات التشريعية إلا أن العديد من الجزائريين يؤكدون مقاطعتها لأنها لن تغير شيئا في واقعهم.
في حي سيدي امحمد الواقع في الضاحية الجنوبية الغربية للعاصمة الجزائرية، ترتفع بعض اللافتات حول الانتخابات التشريعية المقررة الخميس، لكن سكان أكبر حي في العاصمة لا يبالون كثيرا بالانتخابات التي يعتقدون انها لن تغير شيئا.
وعبرت سعيدة، في الاربعين من العمر، عن غضبها واقتناعها بان التصويت لن يغير شيئا في وضعها، وقالت “الاجير غير قادر على إكمال الشهر دون ان يستدين بسبب غلاء الاسعار”، واصفة الانتخابات بانه “لا حدث”.
في مجمع تم تدشينه قبل ست سنوات ويضم ثلاثة آلاف مسكن، يعيش السكان “جحيما”، بحسب قول البعض، بسبب أعمال عنف شهدتها المنطقة، و”لم تكن شرطة مكافحة الشغب قادرة على وقفها”، بحسب ما تقول حليمة، في الستينات من العمر، القاطنة في الحي.
وكانت حليمة تسكن حي سيدي يحيى الراقي، قبل ان يتم نقلها لأن الدولة هدمت عمارتها لحاجتها الى الارض التي كانت مبنية عليها، وبسبب ذلك تفرقت العائلة، فغادر ابنا حليمة للعيش مع عمتهما في ضواحي العاصمة الجزائرية، بينما تعيش هي مع زوجها في المجمع.
ولا تنوي حليمة المشاركة في التصويت “لنواب يتقاضون أجورا خيالية مقابل رفع ايديهم خلال التصويت دون ان يفكروا في الشعب”.
وكانت هذه المنطقة عبارة عن اراض زراعية قبل ان تخرج منها هذه البنايات “البشعة”، بحسب ما تصفها فاطمة المولودة في المنطقة والتي تعيش في الجوار مع عائلة زوجها.
وقررت فاطمة (50 عاما) المشاركة في التصويت “باعتبار ذلك واجبا، لكنني لا أعلق آمالا” على الانتخابات التي لا يذكر بها سوى بعض العبارات على الجدران واللوحات الاعلانية التي وضعتها البلدية لنشر قوائم المرشحين.
ومنذ وقت قصير، بذلت السلطات جهودا لتجمّل وجه هذا الحي، الاكبر في العاصمة الجزائرية. فتم طلاء الابنية بألوان هادئة وظهرت مساحات خضراء مزينة بالازهار، وحتى حوض اسماك يتكفل رجل سبعيني باطعامها يوميا.
وبالنسبة الى السكان، لا تعني عودة الهدوء نهاية المواجهات التي حصلت خلال العقد السابق، وكانت عبارة عن اعمال عنف بين مجموعات مختلفة شهدتها خصوصا الضواحي والاحياء السكنية الكبيرة وغذاها الفقر والتكدس السكاني.
ويحلم حميد (19 عاما) بمغادرة البلاد نحو مكان افضل “من أجل العيش”، من دون ان يعرف كيف سيحقق ذلك وهو بلا مال ولا شهادة. في المقابل، ينتقد رشيد، متقاعد (75 سنة)، حالة “انعدام التسييس والانعزال” في المجتمع.
ويتساءل كيف ان “الناس في السابق كانوا مسيسين رغم انهم غير متعلمين، بينما اليوم يعجز الشباب عن التفكير بالرغم انهم يحملون شهادات جامعية؟”.
ويتأسف الرجل لصعوبة تحقيق التعايش في الحي الذي يشهد ارتفاع بناء جديد ملاصق للابنية الاخرى. ويقول “آلاف الاشخاص يعيشون هنا دون ان يتبادلوا الحديث. كل واحد متخندق في بيته” في حي “بلا روح”.
ويعبر أحمد، الاستاذ المتقاعد، من جهته عن “عدم فهمه لمنطق هؤلاء الذين يريد تغيير الامور مع البقاء في بيوتهم”. ويقول الرجل السبعيني غاضبا “انتهى عهد المعجزات، يجب النضال والانتخاب من اجل تحريك الامور”.
لكن كلامه لا يجد صدى لدى جزء كبير من محيطه، ويقول كثيرون إنهم لم يشاركوا من قبل في اي عملية تصويت لا في الانتخابات التشريعية ولا البلدية.
وبالنسبة لريم (50 عاما)، “لا أصوّت إلا في الانتخابات الرئاسية لأن الرئيس هو وحده له سلطة التغيير، بينما النائب لا يستطيع فعل شيء”. وتعمل المرأة التي زوجها متقاعد ولديها كطباخة في الافراح من اجل المساعدة في مصاريف البيت.