مهنة من لا مهنة له
“مهنة من لا مهنة له”. هكذا يصف الكثير من الشباب الجامعيين مهنة الصحافة، ويرون فيها أقصر الطرق للحصول على “وظيفة” بدلاً من الجلوس في المقاهي، خصوصاً أنها لا تحتاج لجهد كبير. فيكفي أن تحمل آلة التصوير وتنزل إلى التظاهرات أو و تحظر سهرات و مهرجانات أو تجلس في مكتب وتُجري اتصالات بمسؤولين أو ناشطين.
في الغربة ، شعر كثير من الأشخاص أن لديهم فكراً سياسياً ينبغي أن يعبّروا عنه. جمعت مهنة الصحافة بين هذا التوق وبين حاجة الشباب إلى إيجاد وظيفة تمكنهم من العيش ومن متابعة نشاطهم السياسي. آمال التغيير التي وُلدت مع الغربة جعلتهم يعتقدون أن العالم سيتغيّر وأن وسائل الإعلام ستتحوّل إلى منابر لأصواتهم. لم يكونوا يعلمون أنهم، حين دخلوا إلى الصحف، خطوا أول خطوة على طريق فقدان حريتهم.
ظهر في أوروبا كم هائل من القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، ربما يفوق ما يوجد في جميع البلدان وتحول الصراع من الشارع إلى صراع على السيطرة على قطاع الإعلام والتقدم في مؤشرات القراءة.
واستغلت الفلول الأموال الضخمة للسيطرة على هذا القطاع وتلميع صورتهم التي تصدرت المشهد السياسي.
الغريب في هذه المؤسسات هو أنها تضم مجموعة كبيرة من “الصحافيين” الذين زاولوا مهن عديدة كالحلاقة و التجارة و منهم من كان بدون عمل ، وجدوا أنفسهم يبحثون عن “لقمة العيش”. ونتج عن عملهم هذا مساهمتهم في تخريب هذه المؤسسات وقتل المبادئ الصحافة والتي دفع آخرون في الميادين دماءهم لتحقيقها.