الصراعات الدولية تأثر على صورة الجالية العربية بأستراليا
المسلمون في أستراليا.. إرهابيون محتملون في عرف اليمين العنصري
الصراعات الدولية تؤثر في صورة الجالية العربية والإسلامية ومشاركة أستراليا في مختلف الصراعات بالمنطقة تسهم في تعزيز المشاعر المعادية للمسلمين.
أسهم حصار مقهى في سيدني سنة 2014 في تعريض التصور المتضرر أصلا للجالية العربية والإسلامية للخطر. ومن المهم أن الخطاب السياسي والتخمينات المتعلقة بالحادثة ترتبط ارتباطا غير صحيح بالأنشطة الإرهابية المحلية. وقد أثارت الحادثة قدرا كبيرا من القلق والخوف بين الناس. كما أن المخاوف من تجنيد المسلمين الأستراليين بمثابة “مقاتلين أجانب” منذ ظهور تنظيم داعش أفادت مصالح بعض القادة السياسيين في تعزيز السياسات الجديدة المضادة للإرهاب.
أضاف ظهور داعش بُعداً مقلقاً إلى العلاقة الشائكة أصلاً بين العالم الإسلامي والغرب. وأصبح الصراع في سوريا -حيث يقوم تنظيم داعش بدور رئيسي- مسرحاً إقليمياً لحرب بالوكالة متعدّدة الأطراف. وتبرز أحداث مثل موجات الهجمات الحديثة في تونس وسيناء وأنقرة وبيروت وباريس البعد العابر للحدود الوطنية لهذه الأنشطة الإرهابية. وقد سلّطت الأحداث الجارية الضوء ثانية على الجاليات العربية والإسلامية، وأحدثت المزيد من الخوف في البلدان الغربية، وعززت الشعور بانعدام اليقين تجاه الأستراليين والعرب والمسلمين، وولائهم للبلد باعتبارهم مواطنين أستراليين.
من الواضح أن الصراعات والحوادث الإرهابية أثرت في تصور الأستراليين المسلمين والعرب على حدّ سواء. ويمكن أن تتفاوت عواقب هذه الحوادث تبعاً للعديد من العوامل. وكشفت دراسة أجريت سنة 2003 أن العنصرية وكراهية الأجانب التي يمارسها الأستراليون على الأستراليين المسلمين والعرب، وصلت إلى مستويات مرتفعة. وبيّنت الدراسة أيضاً أن العديد من الأستراليين يشهدون كل يوم أشكالا غير رسمية من العنصرية، مشيرة إلى أن ربع الأستراليين يشهدون أنواعاً من العنصرية في تفاعلاتهم الاجتماعية اليومية.
ويرتبط الخوف المتزايد من التنوّع العرقي والعداء تجاه الأستراليين العرب والمسلمين، بالإضافة إلى المهاجرين المسلمين، ارتباطاً وثيقاً بالأحداث الدولية والمحلية التي أثّرت في البلدان الغربية، بما في ذلك أستراليا. فقد أثارت هجمات 11 شتنبر رد فعل قوي ضد الأستراليين العرب والمسلمين لأسباب عدة.
أولا: أثارت طبيعة العمل غضباً وخوفاً وصدمة شديدة في كل أنحاء العالم، إذ شهدت البلدان الغربية للمرّة الأولى تأثيرا لهجوم إرهابي.
ثانيا: نتيجة لإساءة فهم أسباب الحادث، بدأت البلدان الغربية البحث عن أحد تلقي عليه تبعات الهجوم. وعزّزت هجمات 11 شتنبر موقف القادة الغربيين ووسائل الإعلام الغربية بأن الإسلام بوصفه كيانا منسجما، يحرض على العنف المعادي للغرب.
فبدأت شرائح الرأي العام في البلدان الغربية، التي أصيبت بالذعر والهستيريا تنظر إلى زملائها المواطنين وطالبي اللجوء، العرب أو المسلمين، باعتبارهم إرهابيين محتملين وأشخاصاً غير جديرين بالثقة. ووفقاً للمجلس الأسترالي العربي، تضاعف التهجم على الأستراليين العرب والمسلمين المسجّل في البلاد عشرين مرة في الأسابيع الثلاثة الأولى التي تلت أحداث 11 شتنبر .
وفي السنة نفسها، أسهمت الحكومة الأسترالية في تعزيز التمثيل السلبي لطالبي اللجوء القادمين من بلدان الشرق الأوسط. وبلغت ذروتها أثناء ما سمّي بحادثتي “تامبا” و”رمي الأطفال من على متن السفن” التي وقعت في المياه الإقليمية الأسترالية. وفي أعقاب تلك الحادثتين، أدخلت الحكومة تغييرات تشريعية واسعة، تزيد من صعوبة وصول طالبي اللجوء العرب والمسلمين إلى أستراليا. وكما يرى مايكل ليتش استخدمت الحكومة هاتين الحادثتين بمثابة “موضوع مركزي” في حملتها الانتخابية سنة 2001.
وكانت الحملة الانتخابية تهدف إلى تحديد الهوية الوطنية الأسترالية، مقابل من سُمّوا بـ”العرب الآخرين”. وكان “العرب الآخرون” مسلمين وشرق أوسطيين بالدرجة الأولى. وفي البيئة الخائفة التي أعقبت 11 شتنبر ، غالباً ما ربط السياسيون الأستراليون طالبي اللجوء بشبكات الإرهاب العالمية، مما عزّز القومية الأسترالية وصوّر غير الأنغلو أستراليين، وخصوصاً الأستراليين، العرب والمسلمين على أنهم إرهابيون محتملون.
أثّرت الصراعات الدولية أيضاً في صورة الجالية العربية والإسلامية في أستراليا. وأسهمت مشاركة أستراليا في مختلف الصراعات بالمنطقة في تعزيز المشاعر المعادية للمسلمين.
وواجهت الجماعات المسلمة في أستراليا كثيراً من العداوة والكراهية للأجانب منذ 11 سبتمبر، وخصوصاً في أعقاب الحرب بالعراق سنة 2003. وشُكّك في ولاء الكثير من المسلمين لأستراليا فشعروا بأن عليهم الاختيار بين خلفيتهم الثقافية وهويتهم الوطنية الأسترالية.
ومنذ سنة 2003، تأثّرت بلدان الشرق الأوسط بالعديد من الصراعات التي أسهمت في المزيد من تدهور صورة الإسلام والمسلمين في أستراليا. وما الصراعات المتعاقبة في العراق منذ سنة 2003، والحرب الأهلية السورية منذ سنة 2011، ومحاولة الانقلاب التركية سنة 2016، إلا آخر الأحداث التي أثارت اهتمام البلدان العربية. وقد أحدثت هذه الصراعات المزيد من الضرر، في صورة المواطنين المسلمين المقيمين بالبلدان الغربية، بما فيها أستراليا.