حقوق ضائعة بين القضاة وحقوق المقهورات

تظل الفكرة لإعداد ملف حول ممارسات سلبية وعنصرية من أغلبية بعض القضاة في محاكمنا القضائية بالمغرب،وإحترامي للبعض منهم إعتبارا لحساسيته وحرصا منا على عدم السقوط في التعميم، فأضحى لزاما علينا عدم السكوت لأن \”الساكت على الحق شيطان أخرس\”. – جميع كتاباتي نابعة من دراسات واقعية وأنطلق من ملفات طرحت أطالها النسيان والإهمال وخاصة القضاء الأسري ، وتراكم الملفات فيه ،إن ما كشفته هذه المشكلة يؤكد، من جديد، إن كان لابد من التأكيد، أن هناك قضاة فاسدين يحكمون باسم القانون . وطبعا لا يمكن التعميم، فهناك قضاة نزيهون يشرفون المهنة وهم أهل لتحمل مسؤولية الحكم بإسمه.
وهذا يجرنا إلى التساؤل هل أغلب الأحكام التي ينطق بها القضاة في حق ملفاة الأسرة ، عادلة منصفة وغير جائرة؟ وهل أغلب قضاتنا، الذين يحكمون نزيهون في أحكامهم وغير فاسدين ومرتشين؟ بالأمس القريب ظهرت بشكل واضح ممارسات سلبية وعنصرية من بعض الضفاضع التي مهما إرتقت تحب القفز في المستنقع حيث جعلت من نسوة كثيرة تنتظر سفينة النجاة والحكم الظالم على المظلوم ، فلا يختلف إثنان على أن قضاءنا الأسري في حاجة لإعادة تأكيد مصداقيته والثقة به، ولن يتم ذلك إلا بالتصدي للفساد المستشري بمختلف ألياته ومكافحة العاملين على إستمرار هذا الاستشراء وهذا العدل هو ما ظل ينتظره أغلبية الأسر المتضررة عاملة لحالها منذ الأستقلال، على إمتداد نصف قرن من الزمن، لتنفجر ملفات تؤكد من جديد أن هناك قضاة ألم بهم الفساد وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن القضاء الأسري يظل مرتبطا أولا بالضمير وبالقناعة الذاتية للقاضي. لا يجادل أحد في كون القضاء ركن من أركان الدولة، إذا انهار انهارت معه هذه الأخيرة بلا شك. فالقضاء هو الساهر على فرض إحترام القانون من طرف الجميع، دون تمييز بين الأشخاص مهما كانت مواقعهم. وهو الحامي للأفراد الأسرية من التعسف والشطط والظلم، وهو الذي يحد من التجاوزات، وبالتالي فإنه ذلك القطاع الذي يوفر المناخ السليم لنمو اﻹقتصاد والحافز على تشجيع اﻹستثمار. فأين القضاء الأسري المغربي من كل هذا؟؟؟؟.
إن مجرد معاينة الظروف التي تجري فيها أغلبية رفظ ملفات الطلاق و أحكام ملفات النفقة لقوانين حقوق المرأة ، تولد الشك واﻹرتياب في نفوس الأسرين بخصوص مصداقية وعدل وإنصاف الأحكام الصادرة، ناهيك عن تأثير تفشي الرشوة والفساد في جسم قضاء بلادنا . هنا نتوغل بين الحقيقة والتظليل وبين حقي وحقك عفو أايها القانون معدت أرى فيك سوى رجل أعرج أعور معتوه مختل وربما لما لا منفصل بشخصيتك ، فالتبعية مهما كانت طبيعتها تنفي الانسانية سيدي الضفضع . كما أنه لا حق لنا ، دون حريتي في التعبير عن مواقفي وآرائي  ، سواء بخصوص القرارات التي يصدرونها أو بخصوص القوانين التي تؤطر شؤونهم. لاني لست سوى طالبة حق سيدي .لا زال يعتبر مطلب الجميع في إنتظار واجب التحقيق.

لقد نص الدستور المغربي على مجموعة من المقتضيات المرتبطة بتحقيق النزاهة والرفع من إنسانيتها لكنها ظلت مجرد عبارات وحقوقها ليست إلا وهم سطر على أوراق وضعت على طاولة اﻹتفاقيات والحقيقة غيرأننا نركد في صحراء مثل الناقة في البيداء يقتلها الضمأ والماء على ظهرها محمول وقاضيها يستعمل الجهاز القضائي كآلية قمع وهذا أمر قائم لا يمكن إخفاؤه.

ومن الأمور التي تبين عدم نزاهة اﻷحكام لأغلبية الملفات الأسرية إذ في نهاية المطاف يعملون كآلة لتنفيذ التعليمات، وهو ما يمكن ملاحظته في الكثير من القضايا الأسرية . وأقصى ما يمكن أن يقوموا به هو البحث في مثل هده المواضيع التي فاحت رائحتها هناك جملة من الأصوات من مختلف الأوساط، بما فيها أوساط المتضررات اللواتي ركدن وراء حقهم لسنواة تشكك بوضوح في نزاهة قضائنا، إذ أعلنت عن عدم ثقتها بجملة من القضاة، مما يستوجب طرح السؤال:هل يمكن شراء الأحكام في المغرب؟ حيث أضحى الفساد عموما ظاهرة جوهرية ومركزية في أزمة القضاء المغربي، أراد من أراد وكره من كره.لاننا في بلد فيه (السيبة ) ما هو في نظركم المدخل الحقيقي لإصلاح فعلي للقضاء الأسري بالمغرب ؟.

في نظري يجب تكوينه بالمعهد العالي للقضاء تكوينا نفسيا، إجتماعيا وأخلاقيا لا علميا فقط، ثم وضعه بأيادي أمينة ومقتدرة لاحتضانه بعد تخرجه من المعهد، وهنا يكمن دور زملائه القدامى الدي يفوقنه عمرا ودور المسؤولين القضائيين عن المحاكم، فلابد من تكوين خاص لهؤلاء. فالقضاء أخلاق قبل كل شيء، ومرحلة البدء هذه مهمة، فكم من قاض يعين بعد تخرجه في منطقة نائية، لا يتلقى راتبه كاملا إلا بعد مدة، ولا يجد من يؤطره فكريا وأخلاقيا، أليس هذا أحد أسباب دفعه إلى الإنحراف . ولاننسى أيضا جانب أخر كذلك ويتعلق بمساعدي القضاء وبما يسمونهم سماسرة الحياة ، فلابد من مراجعة القوانين المنظمة للمهن القضائية ولابد من إخضاعهم إلى مراقبة حقيقية ومراجعة تكوينهم وإعادة تكوينهم، فبدون ذلك لن نصل إلى نزاهة القضاء الأسري وقوته مهما كانت قوانيننا ومهما كان قضاتنا. ولا ننسى في الأخير دور الجانب الاقتصادي والاجتماعي في الموضوع، فتحسين المستوى المعيشي للقضاة وإجلالهم المكانة اللائقة بهم في المجتمع إسوة بزملائهم في أغلب الدول، يقيهم الإنزلاق نحو اﻹنحراف الأخلاقي والمادي.

 

جليلة صادق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: