إزدهار الشعودة بالجزائر في ظل تدني الخدمات الصحية
جزائريون يتهافتون على الطب التقليدي والعرافين في ظل تدني مستوى الخدمات الطبية العامة، ومنتج ‘رحمة ربي’ يدخل كثيرين الى الإنعاش.
يدفع تدني مستوى الخدمات الطبية العامة في الجزائر وارتفاع كلفتها في المستشفيات الخاصة بالكثيرين إلى اللجوء للطب التقليدي والعرافين، ما يجعلهم عرضة لعمليات احتيال.
وأظهرت قضية في الآونة الأخيرة حجم هذه المشكلة بعد الإعلان عن عقار زعم صانعه أنه يشفي من مرض السكري، ومع افتتاح عيادات للتداوي من المس بالجن.
فقد طرح في الأسواق مكمل غذائي قدم على أنه دواء للسكري أطلق عليه اسم “رحمة ربي”، سرعان ما تحول إلى فضيحة لم تكن وزارة الصحة بمنأى عنها.
وتعالت الأصوات المطالبة باستقالة وزير الصحة، بعدما قدم دعمه للمنتج على أنه دواء، وساعدت قناة تلفزيونية خاصة يشاهدها عدد كبير من الجزائريين في الدعاية لهذا المنتج وصانعه الذي وصفته وسائل إعلام محلية بأنه “منتحل صفة طبيب”.
وبمجرد ظهور منتج “رحمة ربي” المتعارف عليه ب”ار هاش بي” تهافت المرضى لشرائه خصوصا في شرق البلاد حيث تشكلت طوابير طويلة أمام الصيدليات التي وافقت على تسويقه. ووصل النجاح إلى حد ظهور سوق سوداء تبيع المنتج بأربعة أضعاف سعره الرسمي.
لكن حملة عنيفة على “الدواء المعجزة” وصانعه شنها أطباء في البلاد دفعت الحكومة إلى منع تسويقه وسحب الكميات الموزعة منه من الأسواق.
رغم ذلك، يشدد صانعه توفيق زعيبط على أنه “ذو فوائد علاجية لا يمكن إنكارها على مرض السكري”، كما صرح.
وقال “اشتغلت اثنتي عشرة سنة من أجل بلورة منتجي المصنوع أساسا من مواد طبيعية”.
وبعدما قدم على أنه طبيب تخرج من جامعة سويسرية، تبين أن هذه الصفة منتحلة، بحسب الصحف الجزائرية.
وندد الطبيب المتخصص في أمراض الغدد ورئيس الجمعية الجزائرية لمرضى السكري مراد سمروني بعملية “الاحتيال” هذه، والدعاية التي أحاطت بالمنتج وتقديمه على أنه “علاج معجزة”، ما دفع الكثيرين من المرضى الى التخلي عن أدويتهم واللجوء إلى هذا المنتج.
وقال “كثيرون منهم دخلوا الإنعاش” بسبب ارتفاع مستوى السكر بعد الكف عن تناول أدويتهم. وأعرب عن أسفه لأن “الشعوذة مازالت تعيش أياما مزدهرة بالجزائر نتيجة غياب التربية الصحية”.
ودعا رئيس مجلس عمادة الصيادلة لطفي بن باحمد الصيدليات إلى المساهمة في مكافحة “الشعوذة بالامتناع عن تقديم خدمات تحمل هذا الطابع”.
ومع أن وزارة الصحة أشادت بالمنتج “رحمة ربي” في مرحلة أولى، إلا أن وزارة التجارة أمرت بسحبه من الأسواق.
وارتفعت أصوات داعية إلى نشر نتائج التحقيق الذي وعدت به وزارة الصحة لمعرفة كل حيثيات هذا الأمر.
وبحسب إحصائيات رسمية، يعاني 10% من السكان البالغ عددهم 40 مليون نسمة من مرض السكري.
بعد أقل من أسبوع على منع هذا الدواء، اكتشف الجزائريون فضيحة طبية جديدة بعدما أعلن شخص فتح “عيادة” للعلاج بالرقية من المس بالجن، وحتى من بعض الأمراض النفسية.
لكن رد فعل السلطات هذه المرة كان سريعا، فأمرت بغلق عيادة الشيخ أبومسلم بلحمر بعدما حضر افتتاحها عدد كبير من الشخصيات الفنية والإعلامية.
وسبق أن أثار هذا “المعالج” الجدل في 2015 إذ توفيت فتاة بعد حقنها بمصل خلال حصة رقية في عيادته. وختم المقر الذي كان يمارس فيه “علاجه” بالشمع الأحمر، وتم التحقيق معه ووضع تحت الرقابة القضائي.
وفي العام 2013 حكم عليه بالسجن سنة واحدة بتهمة “ممارسة الشعوذة”.
وتنقل وسائل الاعلام الجزائرية يوميا حوادث تسبب بها هؤلاء المعالجون في عدة مناطق من البلاد.
وبالإضافة إلى ذلك، ينتشر في الجزائر التداوي بقراءة القرآن بحيث أصبح سوقا تدر الأرباح في مجتمع ينتشر فيه اليأس من الخدمات الطبية، ولاسيما في صفوف المصابين بأمراض نفسية.
وكان وزير الشؤون الدينية السابق أبوعبدالله غلامالله قد حذر قبل أن يغادر منصبه في 2014 من خطر استغلال الدين في العلاج ومنع ممارسة الرقية في المساجد والمدارس القرآنية.