إلى متى يقود الميكانيكي حزب الإستقلال؟
حميد شباط سياسي ونقابي مغربي، شغل منصب الأمين العام لـ حزب الاستقلال المحافظ المنبثق عن الحركة الوطنية المغربية، وكاتب عام لنقابة الاتحاد العام للشغالين في المغرب، الجناح النقابي للحزب. يُعد واحدا من أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل، عبر خرجاته الإعلامية المثيرة، وسجالاته الحادة، وطريق إدارته الشرسة للمعارك مع الخصوم. و آخرها تصريحاته على موريتانيا .
رأى حميد شباط النور في منطقة قروية بقبيلة البرانس، في ضواحي مدينة تازة وذلك يوم 17 غشت 1953. نشأ في وسط قروي بسيط، لأب كان من أنصار حزب الاستقلال في المنطقة، ومنه تشبع بخط الحزب وتعرف على سيرة زعاماته.
تلقى حميد شباط تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة شفشاون، شمال المغرب، لم يواصل دراسته العليا بل اختار أن يلج معهد التكوين المهني بمدينة فاس، مطلع السبعينيات. تخرج من المعهد عام 1972، بعد حصوله على شهادة في الميكانيك.
شغل وظائف حزبية ونقابية وبرلمانية وتمثيلية عديدة. فعلى المستوى التمثيلي المحلي، انتخب عمدة لمدينة فاس يوم 23 شتنبر 2003، وظل محتفظا بالمنصب حتى هزيمته في انتخابات شتنبر 2015.
حافظ شباط على مقعده كبرلماني عن فاس منذ انتخابه أول مرة عام 1997. ونقابيا، انتزع منصب الكتابة العامة لنقابة الاتحاد العام للشغالين التابعة لحزب الاستقلال سنة 2009. ثم حقق قفزته الكبرى، مع انتخابه في مؤتمر حزب الاستقلال لعام 2012، أمينا عاما لهذا الحزب العريق.
في الوقت الذي ينبش خصومه في ماضيه ليلقبوه بـ “الميكانيكي” الذي أصبح زعيما، وينعتوه بالأمي الفاقد للتكوين العالي، يوظف شباط ذلك ليفتخر بكونه رجلا “عصاميا” بدأ مساره الطويل من الصفر. يقول حول مساره السياسي والنقابي “بدأت نشاطي النقابي عام 1974، في مصنع لإنتاج الأسلحة تحول إلى صناعة الدراجات النارية، بعد أن التحقت به عقب حصولي على دبلوم من معهد فني”.
وجاءت محطة الإضراب العام الذي هز مدينة فاس في دجنبر 1990 بأحداثه الدامية، لتشكل منعطفا في مساره، حيث وجهت له تهمة التحريض على أعمال العنف والتخريب، واعتقلت زوجته وابنه، بينما ظل مختفيا عن الأنظار إلى حين هدوء الأوضاع ثم الحصول على عفو قضائي.
عام 1992، بدأ يحصد ثمار نشاطه النقابي والسياسي، حيث نجح في الانتخابات البلدية، وانتخب نائب رئيس إحدى بلديات فاس “زواغة” التي أضحت معقله الانتخابي الحصين. وتدرج ليصبح “العمدة القوي” للعاصمة العلمية للمملكة يوم 23 شتنبر 2003، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى انتخابات شتنبر 2015، حيث هزم على يد حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران.
وبالموازاة مع ذلك، ظل حاضرا في البرلمان منذ انتخابه عام 1997، مرورا بـ 2002، ثم 2007 وصولا إلى الولاية الراهنة التي بدأت عام 2011.
وعلى الواجهة النقابية، التي راهن عليها شباط كثيرا لتعزيز قوته داخل الحزب وحشد أنصاره لربح المعارك الانتخابية، التنظيمية والسياسية، كان مهندس إزاحة الزعيم التاريخي للاتحاد العام للشغالين، عبد الرزاق أفيلال، سنة 2006، لفائدة محمد بنجلون الأندلسي، الذي أزاحه هو الآخر عام 2009 ليتربع على رأس المنظمة النقابية.
وعرف شباط كيف يحول هذه القوة النقابية الكاسحة إلى عامل ترجيح لطموحاته في صفوف حزب الاستقلال، فقد أصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب منذ مؤتمره الـ 15 الذي عقد ما بين 9 و11 يناير2009، لتكون عتبة قفز منها في المؤتمر الـ 16 لعام 2012 إلى مهمة الأمانة العامة للتنظيم بعد فوزه على منافسه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم الوطني الراحل علال الفاسي، مؤسس الحزب.
وأدى فوزه بالأمانة العامة إلى أزمة داخلية في التنظيم، حيث تشكل تيار مناهض لشباط باسم
“بلا هوادة” يقوده عبد الواحد الفاسي، لم يكف عن توجيه الانتقادات اللاذعة لشباط ومؤيديه، واتهامه بالإساءة إلى تاريخ الحزب.
بينما ظل شباط يؤكد أن فوزه برئاسة الحزب أنهى سيطرة آل الفاسي والعائلات الثرية على الحزب، وشبه دخوله مقر الحزب بالعاصمة الرباط بدخول “باب العزيزية” الذي مثل نهاية لحكم القذافي وأبنائه.
وراهن شباط على قيادة حزبه إلى احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية شتنبر 2015، إلا أنه لم ينجح في ذلك، مما أثر على الوضع العام للحزب.
يشكل ظاهرة سياسية بامتياز في المشهد المغربي، بحيث ظل حاضرا في جل السجالات الكبرى مع خصوم من مشارب مختلفة. لقد سبق له أن هاجم الزعيم الاشتراكي الراحل المهدي بنبركة حين وصفه بأنه “قاتل”. واتهم مرة وزيرا بدخول البرلمان في حالة سكر، بل وصل إلى اتهام رئيس الحكومة بنكيران بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية والموساد، وغيرها من الأمثلة التي تجعل شباط حالة متفردة في الساحة المغربية.