طلوع النهار حركة يومية عادية، حد الرتابة، تسري في الشارع الذي يجمع بين الأصلي والعصري، بين محلات تجارية راقية وبين أصحاب المقاهي التي تفتح أبوابها في وجه مداومين أوفياء يلتصقون بكراسيهم لساعات طويلة للتحرش بكل جسم أنثوي يمر من أمامهم…. نساء تحمل رضعا، وآخرون جعلوا من إعاقتهم وسيلة لكسب القوت اليومي.. هذه حركية يومية اعتاد عليها ساكنة شارع مولاي عبد العزيز او ما يسمى بشارع البوالورحتى حدود العاشرة ليلا، حينها تنتهي قصة التجارة بانطفاء الأضواء.. فتبدأ قصص أخرى.
حوالي الواحدة ليلا يغيب الضوء المشع الذي يتوسط شارع مولاي عبد العزيز ، ويصبح المكان هذه المرة ماخورا لعاهرات من نوع خاص.. هنّ من يطلق عليهن بـ”الطروطواريات”.. أغلبهن يمارسن أقدم مهنة في التاريخ بالهواء الطلق، وأتمنة “خدماتهنّ” تتراوح ما بين الـ30 والـ100درهم.. وبما أن أغلب زبنائهن من الطبقة الفقيرة التي لا تملك مكانا تدعر فيه براحتها، فجدران عمارات ضاربة بجذورها في عمق التاريخ شاهدة على قصص جنسية لا تدوم الواحدة منها لأكثر من دقيقتين.
خديجة ، سُعاد و لطيفة.. وغيرهن كثيرات، زيهن المفضل هو الجلباب التقليدي أو العباءة الشرقية، لسهولة “الأداء”، أمّا وجوههن فهي مغطاة بطبقات من مساحيق التجميل تبدو واضحة رغما عن عتمة الليل، طريقتهن في المشي مميزة بالتفاتاتهنّ المتكررة إلى الخلف، اليمين واليسار، بحثا عن زبناء أسخياء لهذه الليلة.
تعثر الأولى على طالب متعة عابرة، أو يعثر عليها هو في عملية بحث معاكسة.. تصطحبه إلى باب اي عمارة تمد يدها مطالبة بأجرتها، ثم تبدأ عملها، أمّا صديقة لها فتمكن على بعد أمتار تراقب المكان، وما أن ينتهي العمل حتّى يعود جلبابها كما كان وهي تختم بعبارة: “الله يسهل عليك”.. أمّا السيناريو نفسه فهو ما يتكرر دائما وكل ليلة مع أيّ “فريسة”.
“كَنْجِي لشارع مولاي عبد العزيز حيث فيه الظلام ومستورين فيه، واخا شحال هادي كانت الحَركَة دايرة مع الطوموبيلات، دابا نقصت الحركة شوية ، ولكن وْلْفْتْ الشارع وكَايْنْ الناس لِّي كَيْجِيوْ يْقْلْبُو علِيَ هْنَا”، تقول خديجة ، فيما تضيف صديقتها سعاد وهي تشير إلى “شمَاكريَّة” بالجوار: “وْلْفْنَاهْ يِيهْ وَاخَا كَيْسْرْقُو لِينَا فْلُوسْنَا”.. من العيب أن يغدو هذا الشارع الرمز إلى مرتع للإجرام”.
متسكعون ومتشردون من الـ”بدُون مأوَى” لجؤوا إلى الشارع الحامل لاسم جدّ الملك محمّد السادس، مجموعة منهم أخذت تصرخ: “رْدْ لِيهْ وْرَاقِيهْ مْسْكِينْ”.. لم يكن سبب ذلك غير أحد أفراد “عصابة مراهقين”، ممن يجيدون استعمال الأسلحة البيضاء ويتربصون بالغرباء.. أمّا الضحية فلم تكن غير شاب غفل وهو يمرّ امامهم، لتنتزع منه حافظة نقوده ويُشرع في تقاسم المال الموجود بها.. لقد أصبح الوالجون إلى هنا مفقودين والخارجون مواليد قد يطالبُون بحفل عقيقة.
واين الامن من كل هذا ، فقد أصبح الشغل الشاغل للامن هو محاصرة العاهرات في كل مساء و في كل يوم دون وجود حل لهذه الظاهرة التي أربكت سكان حي ميموزا الذين باتوا دون نوم كل مساء و كل يوم قصة ، حتى انهم أصبحوا نادمين على شراء مقر سكناهم بهذا الحي .
فهل من مسؤول يجد حل لهذه الظاهرة و يريح القاطنين في الحي من سهر الليالي ؟